تجريد الحزن ونقعه!
تجريد الحزن ونقعه!
قد تتعب الروح والجسد ليهرب صاحبهما من الحزن، ولكن من ادَّعى أن الحزن مُحرَّم على المرء؟ فلا يوجد شيء أكثر حكمة من الحزن لأن الهموم التي لا شفاء لها تحصل يوميًّا ومع الجميع، ولا يستطيع أحد فعل شيء لتجنُّب حدوث ذلك غير الاستسلام للحزن ذاته، ففي الحزن العلاج، ومن الضروري توخِّي الحذر من سماح المكلوم لأي شخص أن يصف له ما الفرح، فهو كمن يصف علاجًا من المضادات الحيوية أو دواء بماء البحر على معدة فارغة، فترك الحزن يعالجه الآخرون كما لو أنه انحراف أو مرض، لن يزيده إلا سوءًا إضافة إلى الشعور بالذنب.
أليس من الطبيعي الشعور بالألم عندما تُجرَح النفس؟ هكذا هو العالم، فالتسلسل الغامض للأشياء التي تحدث أو لم تحدث يخلق خلفية سوداوية للأحداث، وقد وصف الشاعر ليوباردي ذلك بقوله: “كما يملأ الهواء الفراغات بين الأشياء، تملأ الكآبة الفواصل الزمنية بين لحظة فرح وأخرى تليها”.
وينصح الكاتب المرأة هنا بتجريب حزنها، ولمسه، وتجريده من أسبابه، ونقعه من خلال الدموع، وتغليفه بالصرخات حينًا والصمت حينًا، ونثره في الدفاتر، وتدوينه في مسامات البشرة، وسيهرب الحزن، أو سيلجأ إلى مكان آخر، بعيدًا عن المركز الجغرافي للآلام.
ولتذوُّق طعم الحزن، من الضروري أخذ طبق من الكآبة، مكوَّن من زهرة القرنبيط الرطبة، وطبخها على البخار حتى يخرج منها تلك الرائحة نفسها التي يخرجها فم يطلق الأهات، ثم إضافة زيت الزيتون والثوم إليها، مع القليل جدًّا من الفلفل، ثم تذوُّقها ببطء، والسماح بالبكاء غير المنقطع، وستمتصُّ تلك الزهرة هذه الكآبة تدريجيًّا.
الفكرة من كتاب وصفات لنساء حزينات
للطبخ معلمات بارعات فيه، لكن يطمح الكاتب هنا في البحث عن حلول لكآبة النساء من خلال كونه حارس الوصفات التي تعطِّر الخيالات والأحلام، فيضع لكل حالة شقاء وأسى وصفة شهية تساعدها على تخطِّي ذلك.
مؤلف كتاب وصفات لنساء حزينات
هيكتور آباد Héctor Abad: ولد في ميديلين 1958، وهو روائي وكاتب مقالات وصحفي ومحرِّر كولومبي، يعد آباد أحد أكثر كتاب “ما بعد الطفرة” موهبةً في أدب أمريكا اللاتينية، ويشتهر آباد برواياته الأكثر مبيعًا.
له العديد من المؤلفات، منها: Hides it”, “Narrow”, “Dawn of a husband”, “What was present”.