تأثير إدارة الضغوط في نجاح الأسرة
تأثير إدارة الضغوط في نجاح الأسرة
مع تقدم الحياة والتكنولوجيا ووسائل الحياة المختلفة، تضخَّمت التحدِّيات أيضًا، وأصبحت كل أسرة تواجه مجموعة من الضغوط المختلفة إما اجتماعية وإما اقتصادية وإما سياسية أو غيرها الكثير، ولا شك أن طريقة التعامل مع هذه الضغوط تؤثِّر في النتيجة المتكوِّنة، ومن ثم نجاح الأسرة واتزانها من عدمه، وتمرُّ الضغوط على الإنسان عبر مراحل عدة هي: مرحلة الإنذار، وفيها يتم التنبيه والتحذير من خطر قادم عن طريق مؤشرات أولية تفيد ذلك، ثم مرحلة المقاومة، وفيها يقوم الشخص أو الأسرة بمحاولة التأقلم مع الضغوط الموجودة وتطويعها وتجاوزها ومقاومتها وتكون مرحلة حرب نفسية وعصبية، ثم مرحلة الإنهاك، وهي مرحلة ما بعد الضغوط إذ يكون الشخص أو المنظومة الأسرية تم إنهاكهما خلال مرحلة المقاومة واستنزاف طاقاتهما، والكثير يعتقد خطأ أن الضغوط كلها سلبية، ولكن على غير المتوقع فإن هناك ضغوطًا سلبية وأخرى إيجابية، فهناك بعض الضغوط تقوم بتحفيز الشخص واستنفار إمكاناته وصقله فيتعلم منها ما لا يتعلمه في مراحل الرخاء.
وهناك أربع حالات تمثل كيفية إدارة الضغوط، إما أن تكون الأعباء والمتطلبات متدنية والتحكم فيها والسيطرة عليها متدنِّيَين أيضًا، وإما أن يكون التحكم في الموقف والسيطرة بقدر كبير ولكن الأعباء قليلة جدًّا، وإما أن تكون الأعباء فوق الطاقة وخارج نطاق السيطرة، وإما أن تكون الأعباء والتحديات عالية ودرجة التحكم فيها وإدارتها عالية أيضًا، وهنا يبرز أبطال الإنجازات الكبرى، والحل الأمثل هو التوسُّط بين الحالات الأربع بقدر الإمكان، والبعض يلجأ إلى تجنُّب الضغوط وتجاهلها، لكن ذلك في كثير من الأحيان لا يأتي بنتائج جيدة، ذلك لأن التمرُّس والتدريب على حسن إدارة الضغوط وتحويلها إلى داعم وحافز على الإنجاز يحقِّق نتائج مرتفعة جدًّا مقارنة بتجنُّبها.
الفكرة من كتاب الأسرة وصحتها النفسية
كل بناء كبير يتكوَّن من وحدات صغيرة تجتمع بعضها مع بعض لتكوِّن البناء، وأي خلل أو نقص في مكون من مكونات البناء يعرِّضه بالكامل لخطر الانهيار، هذه القاعدة تجري مجراها على كل شيء في حياتنا، لا سيما المجتمعات، والمجتمع يتكوَّن من وحدات صغيرة تسمى الأسر، إذ إن لكل أسرة دورًا فعالًا في بناء مجتمعها، فهي تتأثَّر به وتؤثر فيه بصفة متبادلة في آن واحد، لذا فمن الأهمية بمكان أن ندرس تلك الأسر ومقوماتها وصحتها النفسية وكيف نحافظ عليها لكي نحافظ على المجتمع متماسكًا.
مؤلف كتاب الأسرة وصحتها النفسية
مصطفى حجازي: أكاديمي ومفكر لبناني، حاصل على دكتوراه الدولة في علم النفس من جامعة ليون في فرنسا.
له العديد من الكتب والمؤلفات منها:
الفحص النفسي.
علم النفس والعولمة.
حصار الثقافة، الإنسان المهدور.