انتصار كبير وهزيمة ساحقة!
انتصار كبير وهزيمة ساحقة!
“لم يكن هذا فتحًا كغيره من الفتوح يا أمير المؤمنين، فإن الوقعة كانت أشبه بإجماع الحشر يوم القيامة”، هكذا كتب موسى بن نصير أمير أفريقية إلى الخليفة الوليد بعد انتصار وادي لكة، وقد أمر موسى بن نصير قائده طارق بأن يتوقف بعد تلك المعركة، لكنَّ طارقًا خالف أوامره لأنه رأى استغلال الفرصة لمتابعة الانتصارات، وبالفعل سقطت أرشذونة دون مقاومة، وكذلك مالقة وشعاب جبل مرسية.
كما تمكن طارق من عاصمة القوط طليطلة، ووصلت قوات موسى بن نصير البالغ عددها ثمانية عشر ألفًا إلى طليطلة بعد أن أخضعت قرمونة وإشبيلية وماردة، وكان موسى غاضبًا من طارق بن زياد لمخالفته أوامره، وعنَّفه تعنيفًا شديدًا، وزجَّ به في السجن، ولكن أمره الخليفة الوليد بإعادة طارق إلى القيادة في إسبانيا.
وبعد وفاة موسى بن نصير، أي في عام مائة وواحد للهجرة حكم الأندلس القائد العربي عبد الرحمن الغافقي، الذي عمل على التغلب على كل بلاد الغال، وقد فتح أقيتانية وأحرز انتصارات مهمة، وكاد يسيطر على كامل فرنسا لولا الهزيمة الساحقة للمسلمين أمام القائد الصليبي شارل مارتل في معركة بلاط الشهداء سنة 114هـ، تلك المعركة التي وضعت سدًّا أمام زحف المسلمين إلى أوروبا، وجعلتهم يتجهون إلى توحيد المملكة الضخمة التي أسَّسوها.
الفكرة من كتاب قصة العرب في إسبانيا
تفاجأ العالم بعد القرن السابع الميلادي بالعرب ينزعون العزلة عنهم، ويخرجون فاتحين العالم شرقًا وغربًا، وكل هذا سببه رجل واحد، وهو محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)، الذي عظم تأثير دعوته في قلوبهم فتغيَّرت طبائعهم وأخلاقهم، وتوحَّدوا بعد أن كانوا أشتاتًا من قبائل متفرقة، فاكتسحت جيوشهم أقوى البلاد على وجه الأرض آنذاك، وامتدت دولتهم من آسيا الوسطى لتصل إلى تلك البلاد التي شهدت جرأة طارق، وإقدام عبد الرحمن الداخل، وعزيمة الناصر، وعبقرية المنصور، صاحبة تاريخ كله عراك ونضال وصخب طوال ثمانية قرون، ومن العجب أنه رغم ذلك كانت هي شعلة النور والحضارة.. إنها الأندلس؛ إسبانيا اليوم.
مؤلف كتاب قصة العرب في إسبانيا
ستانلي لين بول (1854-1931م): مستشرق وعالم آثار بريطاني عمل في مصر كعالم مصريات، ثم شغل كرسي الأستاذية للدراسات العربية في جامعة دبلن الأيرلندية.
له عدد كبير من المؤلفات تخص التاريخ الإسلامي والعربي، أهمها: “دراسات في مسجد”، و”تاريخ مصر في القرون الوسطى” و”مختارات لين من القرآن”.