الموجة الثانية للمستقبل
الموجة الثانية للمستقبل
خلال العقود الماضية اتبعت دول العالم الكبرى استراتيجية تحقيق التنمية الاقتصادية بدلًا من الدخول في الحروب لفرض قوتها على بقية دول العالم والتحكم فيها، لتحل الحروب الاقتصادية محل الحروب العسكرية.
لكن في المستقبل القريب لن يدوم هذا السلام العالمي طويلًا، فعندما تحدث الموجة الأولى للمستقبل، ستنشأ مرحلة جديدة يمكن تسميتها مرحلة ما قبل الحرب.
سوف تسعى دول العالم الكبرى إلى السيطرة على ثروات العالم المحدودة، وتتصادم هذه الدول بعضها مع بعض، وتبدأ كل دولة في إحاطة نفسها بالوسائل العسكرية اللازمة لحماية نفسها، وإجبار الدول الأخرى على الخضوع لها.
سوف تستخدم في هذه الصراعات والحروب أسلحة جديدة متطورة أقوى من الأسلحة المعتادة، وستكون هذه الأسلحة من مواد نووية ومواد كيميائية يمكنها نشر الأوبئة في المدن.
سوف تنشأ حروب بين الدول والدول المجاورة لها لتوحيد الشعوب، وتنشأ صراعات داخلية بين أبناء الشعب الواحد ربما تصل إلى حدوث حروبٍ أهلية.
ستزيد دول العالم الكبرى نفقاتها العسكرية، وتظهر تحالفات عالمية بين هذه الدول وبعضها، وتسعى بعض الدول إلى نشر دعاوى السلام في محاولة تجنب المصير المحتوم للعالم.
سوف يبدأ الغضب العام على النموذج التجاري الأمريكي في الاشتعال، ويعد النموذج التجاري الأمريكي مصدرًا للظلم وعدم الاستقرار والتقلبات البيئية والأخلاقية، وستُدان الديمقراطية باعتبارها خديعة وأداة تستخدمها المؤسسات العسكرية والشركات للحفاظ على قوتها.
ستبدأ دعاوى الرجوع إلى القيم الدينية في الظهور بقوة، ويسعى الأفراد إلى الانضمام إلى الجماعات الدينية وغير الدينية التي تقوم بممارسات روحية للتغلب على فراغها الروحي والأخلاقي الذي خلفه النظام التجاري.
إذا استمر العالم في المستقبل على هذا الوضع واجتمعت كل مصادر الصراع في معركة واحدة، فسيتحول العالم إلى ساحة صراع هائلة تستعمل فيها جميع الأسلحة دون قيود، ويتلاشى في هذا الصراع عديد من الشعوب، ولن تقدر البشرية على تفادي هذا المصير دون القضاء على الطغاة والشركات المتحكمة في سياسات الدول وإبراز قيم عادلة تحد من سلطة قيم نظام السوق.
الفكرة من كتاب قصة موجزة عن المستقبل
يتقرر اليوم ما سيكون عليه العالم خلال الأعوام القادمة، وبحسب النهج الذي سوف تنتهجه المجتمعات سيتحدد ما إذا كانت الأجيال القادمة ستعيش في عالمٍ قابل للحياة، أم في عالم قد تدمرت معالمه.
يعيش العالم اليوم تحت سطوة النظام التجاري الذي جعل من الأنا والذات الفردية قيمًا مطلقة، وجعل حياة الأفراد أكثر انعزالًا وفقرًا، وحياة المجتمعات أكثر قسوةً وفوضى.
ولن تظل حال هذا العالم على ما هي عليه لكثير من الوقت، إذ تحمل تنبؤات المستقبل عديدًا من الأمور غير السارة التي تفيد أن العالم سيداوم على التغيير نحو ما هو أعظم من ذلك.
ولا يمكن تجنب العالم لهذا المصير غير السار دون محاولة فهم الأسس التي حكمت التاريخ على مدار القرون السابقة، لمعرفة أبرز التوقعات التي تتعلق بموجات المستقبل.
يحتوي هذا الكتاب على سرد تاريخي قصير لبعض الأحداث البارزة في الماضي التي كان لها أثر في ما وصل إليه العالم بشكله الحاضر، وأبرز التوقعات حول الخمسين عامًا القادمة في المستقبل.
مؤلف كتاب قصة موجزة عن المستقبل
جاك آتالي: كاتب وباحث وروائي فرنسي، حصل على الدكتوراه في علم الاقتصاد، وعمل أستاذًا في إحدى الجامعات المرموقة، كما عمل مستشارًا لأحد رؤساء فرنسا لما يقرب من العشرين عامًا، وعمل رئيسًا لإحدى المؤسسات المالية الكبرى.
له عديد من المؤلفات في السياسة والاقتصاد والأدب والفن، ومنها:
كتاب كارل ماركس أو فكر العالم.
كتاب غدًا، من سيحكم العالم؟
رواية أخوية اليقظانين.
معلومات عن المترجم:
نجوى حسن: حصلت على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة، ثم حصلت على دبلوم في العلوم السياسية من جامعة باريس الثانية، لها عديد من الترجمات عن اللغة الفرنسية، كما ترجمت عديدًا من الملفات السياسية حول موضوعات العولمة والمستقبل.