الفروق المناعية النفسية
الفروق المناعية النفسية
يرجع اختلاف رد الفعل المناعي النفسي عند الإنسان عن الحيوان إلى اختلاف تعقيد الطبقات الدماغية، إذ إن القشرة الدماغية هي المنظمة للسلوك ومركز الذاكرة ومقر الأفعال الإدارية، وتشير الأبحاث العلمية الحديثة إلى أن الدماغ البشري يستطيع تسجيل أكثر من 86 مليار وحدة من المعلومات يوميًّا، وذاكرته تتسع إلى 100 تريليون من المعلومات خلال العمر. وإن كان ما يحدد قدرة الإنسان على التكيف هو “الفهم” و”الدوافع المكتسبة”، فإن ما يعادله لدى الحيوانات هي “الغريزة” و”التنميط المسبق”، ولذلك نجد الحيوانات والكائنات غير العاقلة غير قادرة على تحليل الأحداث وتوقع الأخطار الممكن حدوثها، لأنها لم تحدث مسبقًا، ومن ثم ليست جزءًا من النمط المحفوظ لديهم، على خلاف التعقيد الذي مكن الإنسان من أن يدرك ويتخيل ويستدل على حدوث الشيء دون رؤيته عينيًّا.
يمتلك كل كائن حي آلية تعرف بـ”الفعل المنعكس”، مصدرها هو القشرة المخية (اللحاء) المكوّنة من النخاع الشوكي والنخاع المستطيل وبعض النوى الدماغية، وهو عبارة عن اتصال عصبي فطري غير مشروط، يتكون من اتحاد المؤثر المحايد مع المؤثر اللا شرطي أو المنعكس العصبي، ونتيجة تلك الآلية المؤلفة من اتحاد المؤثرات تكون إما تحفيز سلوك وإما تثبيط آخر، فمثلًا لو كان المؤثر صوتًا مثل صوت الجرس المرتبط بموعد الطعام عند الكلاب، تتحرك الإشارة الصوتية خلال العصب السمعي حتى تصل إلى المركز السمعي في النصفين الكرويين، حيث تكون بؤرة الإثارة السمعية، بينما على الناحية الأخرى من الجهاز العصبي تتكون بؤرة أقوى من الأولى هي التي تسبب رد الفعل الشرطي. ساعدت هذه الآلية على إنشاء جسور من التواصل بين الإنسان والحيوانات من خلال تكوين ارتباطات شرطية.
أراد “بافلوف” أن يبرهن أن القشرة المخية هي سبب رد الفعل المنعكس الشرطي، فقام بإزالة القشرة المخية فوجد أن الانعكاسات المشروطة تختفي وغير المشروطة تبقى.
الفكرة من كتاب الجهاز المناعي النفسي: قوة وإبداع
جميعنا نعرف أن الجسم البشري من الناحية التشريحية والفسيولوجية هو نتاج تحالف مجموعة من الأجهزة المتعلقة بالصحة الجسدية: جهاز عصبي، وتنفسي، وهضمي، وعقلي، وقلبي وعائي، ومناعي. والحقيقة أن الجسد البشري متشابك بطريقة معقدة ومركبة جدًّا، لدرجة تجعل أي خلل في جزء من بعضه ينعكس على كله.
ولا يخفى علينا أن الجهاز المناعي هو مصدة الأمراض الصحية، ولكن القليل فقط من يعرفون أن ثمة جهازًا مماثلًا يساعدك على التصدي للأمراض النفسية، هُنا نعرفك عن نفسك وصحتك أكثر، ونكشف لك مزايا ما كنت تدركها من قبل، هنا نحاول تبسيط التعقيد لمساعدتك على تعزيز مناعتك النفسية.
مؤلف كتاب الجهاز المناعي النفسي: قوة وإبداع
د. ناصر محي الدين ملوحي: هو طبيب واختصاصي واستشاري وباحث علمي ومؤلف، حصل على شهادة الطب البشري من جامعة دمشق عام 1985، تخصص في أمراض الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق في عام 1989، وفي عام 2019 حصل على شهادة البورد السوري في المجالات نفسها، حاضر في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية والطبية العامة والتخصصية.
من أشهر مؤلفاته:
الطب العمراني.
الطب النفسي الجسمي.
سرقات آينشتاين العلمية.
سياسة تلفيق الداء لتسويق الدواء.