العمل من المنزل
العمل من المنزل
إن أُفول عصر التصنيع، ودخول التقنية إلى مجال العمل، وتحول عدد كبير من الوظائف إلى وظائف خِدْمية، شجَّع على تبنِّي أنظمة “وقت العمل المرنة” التي لا تتقيد بوقت ولا مكان معينين، ومن ثمَّ شكّلت التقنية واحدةً من مفارقات العمل، إذ أصبحت مصدرًا لمرونة العمل وإفراط العمل في الوقت نفسه، وهذا راجع إلى أن جو العمل انتقل من المكتب وموقع العمل إلى المنزل والكافيه وإلى كل مكان، وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 80% من الأمريكيين يقضون في المتوسط سبع ساعات في الأسبوع في العمل من منازلهم، وبِناءً على ذلك خَلَقَت التقنية قوة عاملة مرنة غير مقيدة بمكان أو وقت محدد، وعلى الرغم من أنها جعلت القوة العاملة أكثر تحكمًا في الوقت، فإن المرونة وحرية العمل داخل المنزل جعلت من الصعب على بعض الناس التكيف مع الحياة ووضع الحدود الفاصلة بين العمل والمنزل، وأصبح العاملون من المنازل يعملون لساعات أكثر، فثلثهم تقريبًا يعملون أكثر من 40 ساعة أسبوعيًّا لأكثر من خمسة أيام في الأسبوع وَفقًا لمعايير العمل في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد لاحظ الباحثون أن النساء اللاتي يعملن من المنزل أعربن عن معاناتهن بسبب زيادة الضغط والتوتر الناتج عن العمل من المنزل، وأوضحن أن المرونة في العمل لم تحلّ مشكلة التوفيق بين العمل والحياة أو العمل والأسرة، إذ قضى نظام العمل من المنزل على ما تبقى من وقت فراغ لديهن.
أما بالنسبة إلى أصحاب العمل، فهم يشعرون بالارتياح التام جرَّاء مزاولة العمَّال عملهم خارج مقر العمل سواء من المنزل أو غيره، ومن ثمَّ أصبح العمل مع الآخرين أو بدوام فعلي أقل أهمية من حيث تقويم أداء العامل وإنتاجيته، وأصبحت المؤسسات تميل إلى الحكم على العامل وَفقًا للإنتاج لا الأداء، فتحولت المؤسسات والشركات من “نزعة زمن الساعة” إلى “نزعة المهمة”، لذا يجري الآن تشجيع العمال على العمل ببراعة وابتكار بدلًا من العمل لوقت طويل.
الفكرة من كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
يُلقي الكتاب نظرة عامة وشاملة على وقت العمل في الماضي والحاضر، وتطور وقت العمل حتى وصل إلى وضعه الحالي، كما يُبين نضال العمال خصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تقليل أيام العمل وساعاته، فكثير من الناس كانوا وما زالوا يعانون ويشتكون من العمل لساعات طويلة تستغرق معظم يومهم مقابل أجر زهيد لا يكفي احتياجاتهم كما أنه يتعارض مع مسؤولياتهم تجاه أسرهم، ويوضح الكتاب أيضًا أن هناك عديدًا من الخيارات التي يتخذها العمّال بإرادتهم أو رغمًا عنهم تؤثر في العَلاقة بين العمل والحياة، كالعمل بدوام جزئي أو العمل المؤقت، ويبين تأثير تلك الأعمال في الحياة الشخصية للعمّال.
مؤلف كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
سينثيا ل. نيغري: أستاذة مشاركة تدرِّس علم الاجتماع في جامعة لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية.
معلومات عن المترجمة:
ابتسام بن خضراء: مترجمة مغربية ذات أصل فلسطيني، حصلت على إجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة دمشق، ونالت درجة الدكتوراه، وتخصصت في الترجمة بعد التحاقها بالجامعة الأمريكية في القاهرة، من ترجماتها:
السيرة هيرمايوني لي.
المكتبة العامة وقصص أخرى.
كوكب في حصاة.
سباق مع الرياح.