العلمانية
العلمانية
شاع هذا مصطلح العلمانية في مصر والمشرق العربي عمومًا، ورغم تعدُّد التعريفات التي صاحبَته فإنها جميعًا تشترك في أن التصوُّر العلماني نحو الشيء ينقله من دائرة القدسية والكهنوتية إلى دائرة الواقعية والدنيوية، ومن ثَم تجري عليه عوامل الأخذ والرد، ولفَهم أوضح للعلمانية كمذهب يجب الرجوع إلى ملابسات نشأته في الدول الأوروبية عندما كانت الكنيسة تبسط رداءها على كل نواحي الحياة مستندة إلى عقيدة مفادها أن البابا ظل الله في الأرض أو نائب الإله، فكانت بذلك الثورة على الكنيسة هي في حقيقتها ثورة على كل ما هو مقدس، نتيجة الارتباط الشرطي الحاصل بين الكنيسة وبين التخلف الواقع آنذاك في القرون الوسطى، من هنا كان ميلاد العلمانية بوصفها ترياق التقدم والحضارة.
ولكن لا يستقيم الظل والعود أعوج، فسحب هذا التصور على البلاد الإسلامية يفترض ضمنًا التسوية بين الإسلام والنصرانية أو بين ممارسات رجل الدين المسلم وبين ممارسات الكنيسة في العصور الوسطى، وهذا خطأ بيِّن، فالإسلام لم يكن يومًا ضد العلم والتقدم، وليس أدل على ذلك من أن أول كلمة نزلت في القرآن كانت دعوة إلى العلم والثقافة عبر مفتاحها وهو القراءة كما جاء في صدر سورة العلق، فضلًا عن أن التصور الإسلامي يُنشئ علاقة متفردة بين العبد والإله، فالعبد عبد والإله إله، وبهذا تستقيم الحياة، فالذي خلق الخلق هو الأعلم بما يصلحه، لذلك تعد فكرة طرح الموروث العقدي والثوابت العقدية للنقاش وقابلية الأخذ والرد هي في حقيقتها عبث بمصلحة الفرد، فإذا وُجد الشرع فثم المصلحة.
الفكرة من كتاب معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام
مع تنامي ظاهرة الجدل والصدام الثقافي وقضايا الاستشراق والغزو الفكري بين المعسكرين الغربي والإسلامي، تأتي أهمية هذا الكتاب في طرحه العديد من المصطلحات التي تمثل في جوهرها قضايا شائكة وأسئلة محيرة للمجتمعين العربي والغربي على السواء، وقد تعدَّدت تلك الإشكاليات من قضايا سياسية إلى اجتماعية وعقدية، مما يضفي على الكتاب لونًا من المنهج الثقافي المقارن لتقريب وجهات النظر وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
مؤلف كتاب معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام
محمد عمارة مصطفى عمارة: كاتب ومفكر إسلامي مصري، ولد في 8 ديسمبر 1931 بمحافظة كفر الشيخ، وحصل على الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية 1965م من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من الكلية نفسها، شغل عضوية كلٍّ من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وهيئة كبار علماء الأزهر، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، كما كان رئيس تحرير مجلة “الأزهر” حتى 16 يونيو 2015، توفي في مساء يوم الجمعة 28 فبراير عام 2020.
ألَّف محمد عمارة ما مجموعه 147 كتابًا، منها تحقيق 13 عملًا كبيرًا ابتداءً من الأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي، وانتهاءً بكتاب “السنة والبدعة” للشيخ محمد الخضر حسين، كما ألَّف خمسة كتب بالاشتراك مع آخرين، ومن أبرز مؤلفاته الأخرى:
التراث والمستقبل.
الغرب والإسلام.
الحركات الإسلامية: رؤية نقدية.