العالم بين الدول المبادرة والدول الخاملة
العالم بين الدول المبادرة والدول الخاملة
حين ننظر إلى الدول على الساحة العالمية ونرغب في تصنيفها من حيث فاعليتها في السياسة، ننظر إلى بضعة أسئلة: ما الذي تحتاج إليه هذه الدول، وما الذي تخافه، وما قدراتها وإمكاناتها، وما طبيعة محيطها وكيف علاقتها به، وما أثر تحركاتها في باقي القوى في محيطها وغيره؟
فالدول دائمًا في تحركاتها الاستراتيجية تسعى إما إلى معادلة الخصم في قوته وحركاته، أو تسعى إلى التفوق عليه أو مشاركته في توزيع الأدوار والمغانم، أو تسعى إلى السيطرة على خصمها، كما قد تحاول في بعض الأحيان تقليل الخسائر واحتواء الأضرار، وكذلك لا بدَّ من معرفة رؤية قيادات هذه الدولة وإلام يطمحون، فمهما امتلكت الدولة من قدرات وتيسَّرت لها سبل الحركة، ولم يتوافر لقادتها الإرادة والطموح فلن تتحرك أي خطوة إلى الأمام.
وبعد أن عرفنا معايير تقسيم الدول، ننظر إلى أقسامها؛ فهناك الدول المبادِرة وهي التي تمتلك القدرة والإرادة والرغبة في تغيير الوضع الجيوبوليتيكي كأمريكا مثلًا، ثم دول القابلية كالصين فهي تمتلك القدرة والإرادة، ولكن لم تظهر قدراتها بعد على المسرح الدولي، ثم هناك دول الطموح الإقليمي التي تمتلك الإرادة والطموح، ولكن بقدرات لا تؤهل بعد لتحقيق هذا الطموح كتركيا وإيران.
هذا بالنسبة إلى الدول الفاعلة، ولكن هناك دول أخرى ليس لها تأثير كبير في الفعل الدولي، فهذه إما أن تكون دول مسرح تمتاز بموضع حساس على الخريطة فتلعب عليها الدول المبادرة، أو تكون دول خمول تبقى في الظل أو تصبح تابعة رغم أنها قد تمتلك القدرة ولكن تفتقر إلى إرادة.
الفكرة من كتاب جيوبوليتيك: الجغرافيا والحلم العربي القادم
ربما قد عرف بعضنا علم الجغرافيا على نحو غير صحيح عندما درسناه صغارًا فظنوا أن هذا العلم قليل الفائدة أو أنه علم جاف، ولكن حقيقة الأمر أن أداة الجغرافيا -وبخاصة الجيوبولتيك- تضيف الكثير من الفائدة للعاملين بالسياسة والشؤون الاستراتيجية، كما أنها لا تخلو من المتعة.
ومن هنا جاءت فكرة هذا الكتاب، فقد أخذ فيه مؤلفه مقاربة جديدة لإيصال مفاهيم هذا العلم عبر عرض نماذج وأمثلة واقعية لتطبيقاته، وجدير بالذكر أن كتاب “الجيوبوليتيك” هو الكتاب الثامن ضمن سلسلة أدوات القادة من مشروع النهضة للدكتور جاسم سلطان.
مؤلف كتاب جيوبوليتيك: الجغرافيا والحلم العربي القادم
الدكتور جاسم سلطان: طبيب ومستشار ومدير للتخطيط الاستراتيجي لعدد من المؤسسات الحكومية والخاصة، درس في كلية الطب جامعة القاهرة في سبعينيات القرن الماضي، برز الدكتور جاسم سلطان بمشروعه الذي عمل عليه طيلة عشرين عامًا وهو مشروع لنهضة الأمة عبر تكوين قادة لهذا التغيير متسلِّحين بالأدوات العلمية والعملية المناسبة، وقدم في سبيل ذلك العديد من المواد المكتوبة والمرئية والمسموعة.
من أبرز مؤلفاته: “من الصحوة إلى اليقظة: استراتيجية الإدراك للحراك”، و”قواعد في الممارسة السياسية”، و”فلسفة التاريخ: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ”.