الضغوط النفسية
الضغوط النفسية
الإنسان بحاجة دائمة إلى تهيئة نفسية قوية كي يواجه المصائب أو الضغط الناتج عنها، أو حتى قبلها، كي يستطيع تخطِّيها أيضًا دون تأثير سلبي في مواقف حياته، لذا سنعود إلى الأمر من البداية حول مفهوم الضغط، إذ قيل إن كلمة الضغط مستعارة من العلوم الفيزيائية، حيث وصف قانون هوكس ظاهرة في العلوم الطبيعية مفادها أن لكل آلة أو جهاز قوة تحمُّل، وزيادتها تؤدي إلى إحداث ضرر يُسبِّب إجهادًا، ثم نقله هانز سيلي إلى العلوم الإنسانية كي يبين حقيقة تعرُّض الجسم البشري لضغط ما فتكون ردة فعله الفسيولوجية مرهقة أو مجهدة ولو لم ينتبه لها ستدمره، وأصبح سيلي يشير إلى كل منبه أو مثير بمصطلح الضغط حتى أُدخل من ضمن مصطلحات علم النفس التي تعبِّر عن رد فعل فسيولوجي بشري.
الضغط النفسي عند الإنسان هو استجابة أو رد فعل لمؤثر ما خارجي، ويتعرَّض الإنسان لضغوط متعدِّدة وتختلف درجة شدة الضغط وقد تكون داخلية أو خارجية، وفشل الإنسان في التعامل مع الضغط يُسبِّب له عدم التوازن لأن الضغط شعور لحوح، وبخاصةٍ لو كان الشخص غير قادر على حسمه أو يعاني صراعات متضادة، فالإنسان يُعاني من المبالغة في الاستجابة للمؤثرات، لذا فالضغط ليس المشكلة الكبرى، بل إدراك واستقبال الشخص للضغط، لذا فالبعض من البشر يشعر بتهديد مستمر.
كما قال بعض الحكماء: “لا يخلو شر من خير”، لذا فليس كل الضغط شرًّا، بل بعضه دافع للإنسان نحو التقدم والنجاح، لكن يتوقَّف كل ذلك على إدراك الإنسان لتأثيرها، وينقسم تأثير الضغوط إلى ضغوط صحية نافعة، وتكون أنضج نفسيًّا لصاحبها لأنه يفكر بشكل عملي مرتب ولديه خيال إيجابي ومُدبِّر للوقت ويستشير الآخرين، ولديه قوة إرادة وثقة بالنفس وإيمان بالله ودافعية للتفوُّق وصلابة نفسية، أما النوع الثاني فضغوط غير صحية، وينهار صاحبها لأنه قلق ومكتئب واعتمادي وغير واثق بنفسه، ويشعر بالدونية والذنب، ويفتقر إلى الدافعية والتفكير المنظم والإرادة، ويوجد نوع آخر متخبِّط بين الاثنين يكون أحيانًا مستجيبًا جيدًا، وأحيانًا أخرى يستجيب بتخبُّط، وأحيانًا يهرب تمامًا.
الفكرة من كتاب كيف تواجه الضغوط النفسية
لا يستطيع الإنسان ردع الابتلاءات في الحياة أو كوارثها الطبيعية، وذلك لأنه قدر الله على عباده في الأرض واختباره لهم، مثلما وجد الخير فهناك الشر كي تتزن الحياة، وحقيقة الدنيا تقوم على الاختبار كما قال الله (عز وجل) في كتابه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، أي مرةً بالسراء ومرةً بالضراء ويبتليهم بالقليل لأنه لو ابتلاهم بالكثير لهلكوا، وقد جاءت اختبارات الله (عز وجل) مُمحِّصة لا مُهلِكة للبشر، لذا فالبشر في ضغط كبير من الحياة وفي حاجة إلى نفسية قوية وجهاد كبير كي يواجهوا شقاءها، وهذا ما يعرضه لنا الكاتب من خلال بعض الدراسات عن الضغوط النفسية وتأثيرها في الإنسان وكيفية هزيمتها.
مؤلف كتاب كيف تواجه الضغوط النفسية
الدكتور محمد حسن غانم: كاتب، وروائي، وأستاذ في علم النفس، ومعالج نفسي مصري تخرج في جامعة عين شمس قسم علم النفس بكلية الآداب، ونال درجة الماجستير في علم النفس، ثم حصل على الدكتوراه. عمل أستاذًا مشاركًا في قسم علم النفس بكلية آداب جامعة حلوان، إلى جانب عمله مدربًا في مجال مكافحة الإدمان، وعضوًا بصندوق مكافحة الإدمان التابع لمجلس الوزراء المصري.
له عدة مؤلفات منها: “حياتك بلا خوف”، و”العلاج النفسي”، و”التأثيرات النفسية لوسائل الإعلام”، و”علم النفس التجريبي”.