الضغوط النفسية
الضغوط النفسية
يميل أغلب الباحثين إلى عدِّ علاقة الدين بالتكيُّف مع الضغوط النفسية، آلية وسيطة لتفسير العلاقة بين الدين والصحة النفسية، كما من الصعب تحديد مفهوم الضغوط النفسية من منظور إسلامي كونه مفهومًا حديثًا معاصرًا من ناحية، ومتناثرًا تحت موضوعات ومجالات متعددة من ناحية أخرى، فبالرجوع إلى الدراسات العلمية الغربية المعاصرة يمكن تصنيف الضغوط النفسية كالآتي:
الضغوط النفسية بوصفها حدثًا أو مثيرًا بيئيًّا يجعل الفرد يشعر بالإثارة والضغط، وهي بهذا المعنى مؤثر خارجي، أو بوصفها استجابة ذاتية وحالة ذهنية داخلية تحدث داخل الفرد، أو بوصفها رد فعل بيولوجيًّا للمطالب أو العوامل الداخلية المؤلمة، وبدمج التعريفات يصبح لدينا مدخل قائم على المثير ومدخل قائم على الاستجابة في تفسير الضغوط النفسية.
وعند الحديث عن مصادر الضغوط النفسية فهي تتباين من مجتمع إلى آخر، ومن وقت إلى آخر، ومن فرد إلى آخر، يمكن إجمالها في ضغوط عامة قد تكون بسبب ظروف طبيعية أو بشرية تؤثر في كثير من الناس، وضغوط خاصة بالفرد بسبب سماته الشخصية أو عاداته السلوكية.
وعند النظر إلى مسببات الضغوط النفسية نجد العامل البارز هو الفروق الفردية أكثر من غيره، فالموقف الذي يسبِّب الضغط النفسي لفرد ما قد لا يسبِّب أي ضغط نفسي لفرد آخر، أو قد يسبِّبه ولكن بدرجة أقل أو أكثر حدَّة، ومرجع الاختلاف هنا ليس الحدث أو الموقف ذاته، وإنما إدراك الفرد له، ولا ننسى مواقف الضغط الجماعي من حروب وغيرها، ولكن الفروق الفردية تعمل أيضًا وسط هذا الزخم الجماعي، فنجد ردَّات فعل مختلفة من النازحين أو الناجين من الكوارث مثلًا.
بعد إدراكنا للموقف الذي تتحكَّم فيه طبيعتنا الذاتية، يأتي تقويمنا وتقديرنا له سواء سلبًا أم إيجابًا، والتقويم يحدِّد المدى المحتمل لما قد يسبِّبه الموقف من مساوئ، وتشمل عملية التقويم هذه معرفة عناصر الموقف وتأثير كل عنصر، إضافة إلى تقويم الفرد لقدراته وإمكاناته، وهنا يؤكد الباحثون أن التقويم الإيجابي للذات هو إدراك الفرد أن لديه من الإمكانات المادية والعقلية والدعم الاجتماعي ما يُمَكِّنه من التصدِّي لهذا الموقف مقللًا من الضغوط النفسية له، والعكس صحيح، فالتقويم السلبي للذات يزيد من مستوى الضغوط النفسية.
الفكرة من كتاب الدين والصحة النفسية
أعمال العنف في العالم الآن في تزايد، بعضها من جماعات تعتنق دينًا أو عقيدة معينة وتقتل المدنيين العزَّل بدعوى تلبية نداء هذا الدين، كالذين قَتَلوا مدنيين في قطار طوكيو معتقدين أنهم يخلصونهم من عذاب الدنيا، أو كما قُتِل المدنيون العزل من المسلمين.
هذه الوقائع تؤكد ما للدين من تأثير قوي في سلوك أتباعه، المستقيم منهم والشاذ، وهذا التأثير قد يصل إلى حد إزهاق أرواحهم أو أرواح غيرهم، وهو ما جعل الكاتب يدرس هذه العلاقة بين الدين والصحة النفسية التي تلقي بأضواء كاشفة على فهمنا لتأثير الدين في سلوك أتباعه.
مؤلف كتاب الدين والصحة النفسية
آزاد علي إسماعيل: متخصص في علم النفس، وله دراسة منشورة عن جامعة الخليل بعنوان “الرضا الوظيفي والاحتراق النفسي لدى المدرسين في كردستان العراق”، وكتابه هذا “الدين والصحة النفسية” الصادر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي.