الروح
لا يعني الكاتبُ بالروح ذلك الكيان الذي تدرسه الأديان، إنما هو جوهرٌ كاملٌ يمثِّلُ ذاتك الحقيقية، هناك حيث يجتمع الإبداع والخيال والتفكير العميق، الروح هو كينونتك الداخلية التي تُمكِّنك من قيادة نفسك وقيادة مَن حولك.
ومفهوم القيادة من الروح يمكن استنباطه من معنى كلمة قادة باللغة الإنجليزية، أعني “leaders”، فكل حرفٍ من الكلمة يشكِّل جانبًا مهمًّا من إدراكنا لمعنى القيادة بشكلٍ سليم.
حرف (L) يشير إلى المراقبة والاستماع، وحرف (E) يشير إلى الترابط العاطفي، وحرف (A) يشير إلى الوعي، وحرف (D) يشير إلى الفعل، وحرف (E) يشير إلى التمكين، وحرف (R) يشير إلى المسؤولية، وحرف (S) يشير إلى التزامن.
وإذا دقَّقنا في سير القادة العظماء فإننا نجد في التزامهم بهذا النهج، ما يؤكد أنَّ القيادة من الروح ليست شيئًا مجرَّدًا وبعيدًا عن الواقع، إنما هي داخلةٌ في الواقع الحالي، إذ إنها تعطي القائد رؤيةً واضحةً لتركيب نفسه وتركيب غيره، وهذا يشمل معرفة الاحتياجات والاستجابة المُثلى لها، وبالتالي يتمكَّن القائدُ من الربط بين احتياجاته والاستجابة لها، واحتياجات غيره والاستجابة لها كذلك، وهذا أساس القيادة الناجحة.
ولا يفيد هذا القائد فحسب، إنما يمدُّ الآخرين بالإلهام الذي يدفعهم نحو التعبير عن أنفسهم واحتياجاتهم بشكلٍ سليم، وهذا يرفعهم درجةً فوق درجةٍ في سلم الاحتياجات، وإذا كان العمل في مجموعةٍ فإن هذا يرفع المجموعة كلها ويربطها بشكلٍ أكبر.
وكي يستطيع القائد السيرَ في طريق القيادة دون عقباتٍ ينبغي له أن يُثريَ مداركَ وعيه، ولا يعني ذلك الحصول على التجارب المختلفة فقط؛ إذ إن التجارب جزءٌ من الوعي الذي يسعى إليه القائد، إنما يعني ذلك أن يفتحَ عقلَه لقبول الأفكار المختلفة ومناقشتها دون وضعِ قيودٍ وأحكامٍ مسبقة، يراقبَ ويستمعَ بإنصاتٍ لكلِّ ما يمرُّ حولَه، فالعالم مليءٌ بما يجب على القائد أن يدركَه بوعيه لا ببصره فقط.
الفكرة من كتاب روح القيادة
حتى وقتٍ قريبٍ لم يكن قرار «أن تصبح قائدًا» شيئًا مهمًّا بالنسبة للكثيرين، أمَّا الآن فإننا في أمسِّ الحاجة إلى القيادة، إذ إن التحكمَ في النفس والقدرةَ على التأثير في الآخرين صارا من أساسيات العصر الحالي الذي لم تعُدْ فيه القيادة مقتصرةً على الحكام والمسؤولين المباشرين فقط.
وليست القيادةُ تعني التأثير في الآخرين بالدرجة الأولى، إنما يأتي هذا بعد القدرةِ على إدارة النفسِ والتحكم في انفعالاتها والسيطرة على الأفكار السلبية وتحويلها إلى ناتجٍ إيجابي، مع فهمٍ لطبيعةِ النفس واحتياجاتها والانفتاح على الأفكار المختلفة، وإذا نجح الإنسانُ في ذلك فإنه يصير قائدًا روحيًّا يُمكنه التأثير في الآخرين، وهذا ما يهدف إليه الكتابُ تحديدًا.
مؤلف كتاب روح القيادة
ديباك شوبر: طبيب وكاتب أمريكي، وُلِد في الهند عام 1946، له باعٌ طويلٌ في عالم القيادة والتأثير.
ألَّفَ عديدَ الكتب في مجال القيادة والنجاح وإرادة الأعمال وغيرها، منها: “جسد لا يشيخ وعقل لا يحدُّه زمن”، و”القوانين الروحانية السبعة للنجاح”.
معلومات عن المترجم:
محمد ياسر حسكي: طبيب ومترجم، مهتم بالطب النفسي والعلاجي، له العديد من الأعمال المترجَمة المعروفة، منها: “اشفِ جسدك”، للويز هاي، و”رغبات محققة” لواين داير.