الرجل والمرأة بين الطلب وتقديم الرعاية
الرجل والمرأة بين الطلب وتقديم الرعاية
من الفروق التي يتميز بها كلٌّ من الرجل والمرأة، أن الرجل لا يقدم العطاء والمساعدة إلا عندما يشعر أن الطرف الآخر يحتاج إلى خدماته ويطلب مساعدته، وبالتالي عندما يشعر الرجل أن الطرف الآخر لا يحتاج إليه ولا يريد مساعدته فإنه يصبح سلبيًّا ولا يقدم أي شيء، بينما المرأة على العكس من ذلك، فهي تعطي عندما تشعر أن هناك من يرعاها ويحبها، وبالتالي إذا فقدت المرأة الرعاية فإنها بالتبعية تشعر بالإرهاق من الاستمرار في عطائها.
وبناءً على ذلك، فإن الرجل يعمل ويعطي ويقدم ما عنده عندما يشعر أن هناك من يحتاج إليه ويطلب مساعدته، بينما المرأة تعمل وتعطي وتقدم ما عندها عندما تشعر بالرعاية والحب، ونجد هنا علاقة تكاملية، فالمرأة تحتاج إلى الرعاية والحب من الرجل فيعطيها الرجل ذلك لأنها تحتاج إليه.
إن الرجل لا ينظر إلى العلاقة الزوجية على أنها علاقة تنافسية، بل ينظر إليها على أن الطرفين لا بد أن يخرجا منها فائزين، على عكس العلاقات الأخرى فإنه يبحث عن الانتصار مقابل خسارة الطرف الآخر، وكذلك المرأة فهي تنظر إلى العلاقة الزوجية أيضًا بأن الطرفين لا بد أن يخرجا منها فائزين، وعلى عكس الرجل فهي تعطي في أي علاقة أخرى بغض النظر عن خسارتها.
وبالتالي يجب على المرأة أن تُشعِر زوجها دائمًا بحاجتها إلى الرعاية والمساعدة وأنه محل ثقة، لأنه عندما يشعر أنها لا تحتاج إليه فإنه يدخل في مرحلة اكتئاب وحزن لا يعرف سببها، فإن عدم الاحتياج إلى الرجل يسبب له الموت البطيء، كما يجب ألا تعتمد المرأة على أن زوجها سوف يفهم ذلك من تلقاء نفسه، بل لا بد أن تصرِّح بحاجاتها بشكل مباشر وصريح، إن الرجل يشعر بالقوة والسعادة عندما تطلب منه زوجته المساعدة وتشعره بحاجتها إلى الرعاية، فينحت الرجل في الصخر ويتحمل الصعاب من أجل أن يلبي لها رغباتها وطلباتها، وهو لا يحتاج من وراء ذلك إلى أي مقابل، بل هو يشعر بالسعادة من جراء فعله ذلك، إذ يشعر بأن ما يفعله لزوجته يصنَّف بأنه أهداف سامية.
الفكرة من كتاب التفاهم في الحياة الزوجية
إن الزواج يمكن أن يخدم الرجال والنساء معًا في حال وجِد التفاهم بين الزوجين، ولكي يطرح الزواج ثماره وتُرى نتائجه فلا بد من الصبر والمثابرة والجهد، كما أنه نتيجة كون الزواج عضوًا حيًّا، فلا بد من رعايته وتغذيته وتنميته والعناية به وحمايته، فهذا الكتاب للذين يؤمنون بالزواج وعندهم الرغبة في تعلم أشياء جديدة تلطِّف من الحياة الزوجية وتزيد من الاستمتاع بها، فإذا وجد تفاهم بين الزوجين قائم على فهم كل طرف لطبيعة الطرف الآخر، فلا ريب أن كلًّا منهما سيجد في الزواج السعادة والطمأنينة والأمان وراحة البال التي لن يجدها في أي شيء آخر، فعندما ينعم الزوج وزوجته بالسعادة الزوجية، يستطيعان أن يواجها جميع أنواع مشكلات وصعوبات الحياة، وبالتالي فالمهمة التي تنتظر الزوجين في الزواج المعاصر هي تحقيق احترام الخصائص المميزة لكل منها، تلك الخصائص التي تحافظ على الاختلاف بين الزوجين مع تحقيق التكامل فيما بينهما.
مؤلف كتاب التفاهم في الحياة الزوجية
الدكتور مأمون مبَيّض: هو استشاري ومتخصص في الطب النفسي، تخرج في كلية الطب جامعة دمشق، تخصص في الطب النفسي في بريطانيا وأيرلندا، كما عمل هناك لمدة 30 عامًا مع وزارة الصحة البريطانية، وحاضر في جامعة “الملكة”، وقد أسهم في تأسيس مركز دعم الصحة السلوكية، وهو مدير إدارة الخدمات العلاجية والتأهيلية، له نحو 12 كتابًا عن الصحة النفسية وتربية الأبناء والعلاقة الزوجية، وغيرها. ومن كتبه: “الذكاء العاطفي والصحة العاطفية”، و”أولادنا من الطفولة إلى الشباب”، و”المرشد في الأمراض النفسية والاضطرابات”.