الرجل الصائب.. مخطئ!
الرجل الصائب.. مخطئ!
عندما يسمح المرء لنفسه بعدم السيطرة على انفعالاته فإنه يتحول إلى ما يطلق عليه “الرجل الصائب”، وهو الرجل الذي يحيا في عالم من صنعه ويتجاهل الجوانب الواقعية المتعارضة معه، مما يسوقه إلى نوبات من الغضب والجنون إذا لم يرضخ الآخرون لرغبته، ولا تعنيه الأضرار ولا تهمه النتائج، والمشكلة أن غضبه المسعور ذلك يقوي إحساسه بأنه على حق، فيحصر نفسه في حلقة مفرغة مؤكدة من تآكل الذات، وتبدو قصة السفاح الأمريكي “كارل بانزرام | Carl Panzram” مثالًا جيدًا لذلك.
دخل بانزرام الإصلاحية في سن الحادية عشرة على إثر عملية سطو قام بها ضد جار له ميسور الحال، وتعرض هناك لضرب مبرح بسبب تمرده، ولأنه عالي السيادة عمق الضرب من رغبته في الانتقام، عاش حياته بعد ذلك في السلب والسطو واغتصاب الرجال بسبب حادثة مماثلة تعرض لها في طفولته، قُبض عليه مرات لا تحصى وقضى أغلب عمره بين جدران السجون مما أكسبه مهارة في الفرار منها، في إحدى مرات سجنه وعده المسؤولون بتخفيف الحكم الصادر ضده إذا أخبرهم بمكان بضائع مسروقة، وفوجئ بعد إخبارهم بسبعة أعوام جديدة تضاف إلى مدة سجنه، فتحول من مجرم عادي إلى مجرم صاحب رسالة هي “تلقين المجتمع درسًا”، فأحرق الأثاث وورش العمل ومصنعًا لخيوط الكتان، وتعرض من جراء ذلك لصنوف من التعذيب كثيرًا ما أفقدته وعيه إلا أنها لم تردعه حتى عُين آمر سجن جديد يدعى “ميرفي”.
آمن ميرفي أن المعاملة بالرحمة والتفهم تؤثر في المساجين بشكل أفضل، فسمح لبانزرام بالخروج من السجن مقابل وعد من الأخير بالحضور في موعد العشاء، لم ينوِ بانزرام أن يفي بوعده إلا أنه فعل عدة مرات، حتى خرج ذات ليلة وفي نيته العودة فسكر بصحبة ممرضة جميلة وقرر الهرب، أعاده الحراس إلى السجن بعد معركة بالرصاص وكان ذلك إيذانًا ببدء حربه ضد الجنس البشري بأجمعه!
الفكرة من كتاب التاريخ الإجرامي للجنس البشري: سيكولوجية العنف البشري
اغتصب الجنود اليابانيون ما يزيد على عشرين ألف أنثى في مدينة نانكنج الصينية، وانتزعوا أحشاءهن بعد الاغتصاب، كما استعملوا صبية المدارس أهدافًا حية للتدريب على القتل بسناكي البنادق، وفي الجانب الآخر من العالم دخل الألمان قرية أورادور الفرنسية، فجمعوا نساء القرية وأطفالها في الكنيسة قبل أن يضرموا فيها النيران ويحرقوهم أحياءً، ومَن حاول من الأطفال الفرار من ألسنة اللهب أمسك بهم الجنود وألقوا بهم في الكنيسة المشتعلة. وبعد تلك الحادثة ببضعة عقود، وافق المقاومون الفلسطينيون على ترحيلهم من بيروت تحت وطأة الحصار، وتركوا نساءهم وأطفالهم بمعسكري صبرا وشاتيلا للاجئين، فقامت عناصر مسلحة تحت حماية قوات الاحتلال بمذبحة تركت ندبًا عميقة في جسد التاريخ.
على مدى قرون، تفرد الإنسان بوحشية مفرطة وبكونه الكائن الوحيد الذي يتلذذ بتعذيب بني جنسه.
وهذا كتاب يغوص في أعماق الجريمة، لدرجة قد تجعل القارئ يقرر في بعض صفحاته ألا يكمله من هول ما يقرأ، لكن الواقع أليم والمجرمين كثر وفي تزايد، لذلك يعد الكتاب مصدرًا مهمًّا لفهم عقلية المجرم، عسى أن نمنع الشر أو على الأقل.. نُحجمه.
مؤلف كتاب التاريخ الإجرامي للجنس البشري: سيكولوجية العنف البشري
كولن ولسن: كاتب إنجليزي ولد في ليستر بإنجلترا، ترك المدرسة في سن السادسة عشرة ليساعد والده، نشر كتابه الأول “اللامنتمي” وهو في سن الخامسة والعشرين، وله عدة مؤلفات منها
أصول الدافع الجنسي.
فكرة الزمان عبر التاريخ.
المعقول واللامعقول في الأدب الحديث.
معلومات عن المترجم:
د. رفعت السيد علي: ترجم عدة أعمال منها:
الطريق إلى مكة.
مقدمة قصيرة عن الحرب العالمية الأولى.