الذكاء وصراع البقاء
الذكاء وصراع البقاء
يشير الكاتب إلى أنه رغم أن الإنسان استطاع بسط نفوذه على غيره من الأجناس الحية نظرًا إلى قدراته العقلية المتطورة، فإنه لم يستطع بعد أن يتحكم في أفراد بني جنسه! ولذلك انقلبت أبجديات الصراع إلى الأفراد داخل الجنس البشري نفسه، ومع الانفجار السكاني المتزايد وقلة الموارد المتاحة ناهيك عن جنون البشرية المتصاعد نحو سباق التسلح وامتلاك أشد الأسلحة فتكًا وتدميرًا، يصبح المستقبل مظلمًا بالقدر الذي لا يمكننا فيه أن نضع حدًّا لتلك التصرفات غير العقلانية بين البشر، لا سيما إن كان الأمر على مستوى الدول وبعضها بعضًا.
وكمحاولة لفض النزاع القائم حول تعريف مصطلح الذكاء يمكن القول إنه وإن كان يطلق بصفة عامة على مطلق الفهم، إلا أنه متضمن كذلك لعناصر أساسية أخرى كالقدرة على التحليل وفك الرموز والاستدلال المجرد والنظر في عواقب الأمور وغير ذلك الكثير، وقديمًا كان يُنظر إلى التقدم في المسارات الأكاديمية كمؤشر إيجابي على ارتفاع نسب الذكاء، ولكن التجارب الاجتماعية أثبتت أن هناك حدودًا لهذا الارتباط، فنسب الذكاء المنخفضة في بعض المجالات لا تعني بالضرورة الفشل في بعض المجالات الأخرى على الأقل الفنية منها والعكس صحيح.
وليس أدل على ذلك من أن بعضًا مما تم طردهم في الماضي من مقاعد الدراسة نظرًا إلى تدني تحصيلهم العلمي أصبحوا اليوم قادة أكبر قلاع التكنولوجيا في العالم، وهذا يدفعنا بلا شك إلى النظر مجددًا في معايير الذكاء التي نحتكم إليها، كما يجب أن نأخذ في الاعتبار الظروف البيئية وتغيرات الواقع المحيط وأثرها في التكوين النفسي كأحد المحددات المهمة الذكاء البشري بجانب الاستعداد الفطري والعوامل الوراثية الأخرى، فرغم تلك الاكتشافات العلمية ما زال هناك الكثير أمام العلماء لكشف تفاصيل العملية العقلية المعقدة التي تحدث داخل الدماغ البشري، وفي ظل هذا التقدم التقني الرهيب ومنافسة الآلات للبشر عبر ذكاء وإدراك اصطناعي متطور، صار المستقبل أكثر تهديدًا للوجود البشري أكثر من أي وقت مضى.
الفكرة من كتاب عقول المستقبل
يدرك الجميع أننا على مشارف تحوُّل ضخم يفوق في آثاره جميع مخرجات الثورة الصناعية السابقة، فمحاولات الوصاية على العقل البشري ومنعه حرية الانتقال نحو آفاق جديدة قد باءت جميعها بالفشل، من هنا كانت تلك القضية هي الشغل الشاغل للباحثين المعنيين بدراسة المستقبل واستشرافه، وتمثل تلك النقلة النوعية في التطوُّر التكنولوجي العديد من الآليات والأدوات والعلوم الجديدة المختلفة، وعلى ذلك فبدلًا من محاولة الارتكان إلى الماضي والتشبث به، علينا التسلح بخرائط عقلية جديدة لمواكبة المستقبل، ويعد هذا الكتاب باب الولوج لاستشراف المستقبل وشكل الحياة في الغد.
مؤلف كتاب عقول المستقبل
جون ج. تايلور: فيزيائي ومؤلف بريطاني، وُلد في الثامن عشر من أغسطس من عام 1931، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة كامبردج البريطانية، كما عمل بالوسط الأكاديمي في علوم الفيزياء الرياضية والذكاء الاصطناعي، حيث كان أستاذًا فخريًّا ومديرًا لمركز الشبكات العصبية في كينجز كوليدج لندن، وعالمًا زائرًا لمركز الأبحاث في معهد الطب في يوليش بألمانيا، توفي في العاشر من مارس من العام 2012.
له عدة مؤلفات منها: “السباق من أجل الوعي”، و”العقل: دليل المستخدم”، و”الثقوب السوداء: نهاية الكون؟”.
معلومات عن المترجم
د. لطفي محمد فطيم: مترجم مصري، حصل على شهادة الدكتوراه في علم النفس من جامعة عين شمس، عمل أستاذًا أكاديميًّا بعدد من الجامعات المحلية، كما أنه عضو في عدد من جمعيات علم النفس الدولية، وله مؤلفات منها كتاب “الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي”، وله بعض الترجمات، أبرزها: “أزمة علم النفس المعاصر”، و”نظريات الشخصية”.