الجوع وقلة الغذاء في جنوب العالم
الجوع وقلة الغذاء في جنوب العالم
إنه من العار على العالم أنه في القرن الواحد والعشرين يوجد أُناس يموتون من الجوع، ونحو مليار شخص في جنوب العالم يعانون من سوء التغذية الحاد أو المزمن، لقد كان من المقرر أنه بحلول عام 2015 سوف يكون الجوع والفقر المدقع جزءًا من ماضي هذا العالم، إلا أن الواقع يقول إن الجوع والفقر المدقع في ازدياد مستمر، وبينما يتجادل الجميع حول المجاعات والأمن الغذائي، إلا أنهم يتغافلون بقصد أو بغير قصد أن المجاعات جزء أساسي من الرأسمالية الحديثة، لذلك فإن أي محاولة للقضاء على المجاعات والفقر المدقع في جنوب العالم سوف تظل من المستحيلات طالما أنها تتم في سياق الرأسمالية، وهذا راجع إلى تسليع الرأسمالية للغذاء كما قامت بتسليع العمالة والأرض، ومن ثمَّ فإن تسليع الغذاء يتنافى مع القضاء على الفقر المدقع والمجاعات، فالعالم يمتلك فائضًا من الغذاء، وفائضًا في الإنتاج الغذائي العالمي يتجاوز الطلب عليه بكثير، حتى إن دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا تدفع المال لمزارعيها لإخراج الأراضي الخصبة من الإنتاج للحد من الغذاء المعروض!
وبناءً على ذلك، فإن المشكلة تكمن في السوق نفسها وتسليع الحياة اليومية، فالجوع يتسبب سنويًّا في قتل أكثر من 18 مليون إنسان حول العالم، وأغلب تلك الوفيات في جنوب العالم بين الأطفال دون سن الرابعة! ويتم تفسير أزمة الغذاء في إفريقيا بأنها راجعة إلى قلة إنتاج الغذاء، ويبتلع القادة والأكاديميون الأفارقة مثل هذه التفسيرات، فيصبح الفقر تعبيرًا مجازيًّا عن الإمبريالية الغربية، وفي الحقيقة يرجع انعدام الأمن الغذائي إلى تقلبات السوق العالمية للحبوب، فالتجارة حلت محل الأمن الغذائي كمحرك للسياسات والاستراتيجيات في إفريقيا، ما يعني سيطرة الصيغة الليبرالية الجديدة!
ونتيجة التفسيرات الخاطئة لأزمة الغذاء في إفريقيا، رأى الغرب أن العلاج يتمثل في إدماج إفريقيا أكثر فأكثر في السوق والاقتصاد العالمي، ومن ثمَّ قاموا بتشجيع إفريقيا على زراعة وإنتاج المحاصيل النقدية، لتحقيق نمو اقتصادي مدفوع بتصدير منتجاتها الزراعية، فأصبحت إفريقيا تزرع وتنتج المحاصيل النقدية مثل الشاي والبن والكاكاو، وأهملت إنتاج المحاصيل الأساسية كالسكر والزيت والقمح والأرز، كما أن الشركات المتعددة الجنسيات أصبحت تزاحم المزارعين المحليين، وتطردهم من السوق لقدرتها السوقية والتنافسية الأعلى، ومن ثمَّ تستحوذ على الأراضي الخصبة، وتفرض قيودًا خاصة بالإنتاج ونوعية المحاصيل المزروعة، وهذه الاستراتيجية الرأسمالية الحديثة لا تؤدي إلى تحقيق الأمن الغذائي في القارة، بل تؤدي حتمًا إلى انتشار الفقر والجوع والمجاعات.
الفكرة من كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
يستعرض الكتاب أسباب الفقر والجوع في جنوب العالم رغم وجود غذاء كافٍ لمنعهما، ويُبين أن الجوع والمجاعات وانعدام الأمن الغذائي والفقر جزء أساسي من الرأسمالية الحديثة والليبرالية الجديدة، ومن ثمَّ من المستحيل القضاء عليهم تحت مظلة الرأسمالية، كما يوضح أن جهود تخفيف عبء الديون التي تثقل الدول الفقيرة والنامية ومبادرات التنمية، لن تغيِّر من هيكل الاقتصاد العالمي، ولن تقلل الفقر بسبب الخصخصة وتحرير التجارة وإصلاح الأسواق، ويكشف ذلك من خلال استعراض أحوال دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودول إفريقيا جنوب الصحراء.
مؤلف كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
راي بوش: هو أستاذ الدراسات الإفريقية في كلية السياسة والدراسات الدولية في جامعة ليدز، وعضو في المجلس الاستشاري لمركز الدراسات الإفريقية بجامعة ليدز، ونائب رئيس مراجعة الاقتصاد السياسي الإفريقي، حصل على درجة الدكتوراه في العامل الاستعماري والتحول الاجتماعي من جامعة ليدز، له عدّة مقالات، ومن كتبه:
Marginality and Exclusion in Egypt.
Counter-revolution in Egypt’s countryside: land and farmers in the era of economic reform.
Economic Crisis and the Politics of Reform in Egypt.
معلومات عن المترجمين:
إلهام عيداروس: هي كاتبة ومترجمة مصرية، حاصلة على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وماجستير القانون الدولي لحقوق الإنسان من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، من ترجماتها:
النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود.
لغة مقدسة وبشر عاديون.
وليد سليم: هو مترجم مصري، حاصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ، له عدد من الأعمال المترجمة، منها:
مراسلات جورج أورويل.
وول ستريت: الإرهاب الحقيقي.
كيف صنع المسلمون أوروبا.