الجري أم رفع الأثقال؟

الجري أم رفع الأثقال؟
في منتصف القرن التاسع عشر، لاحظ طبيب فرنسي يدعى “ستانيسلاس تانشو | Stanislas Tanchou” أن السرطان أصبح أكثر انتشارًا في المدن السريعة النمو في أوربا، إذ كانت الثورة الصناعية تتقدم بأقصى سرعة، فغيرت المجتمع بطرائق لا يمكن تصورها، ورأى وجود صلة بين الاثنين، فكتب في مذكراته “يبدو أن السرطان مثل الجنون، يزداد مع تقدم الحضارة”، لا يعني ذلك أن الحضارة سيئة وأننا جميعًا بحاجة إلى العودة إلى أسلوب حياة الصيد، فبالطبع نحن نفضل العيش في عالم نشعر فيه بالقلق من فقدان هواتفنا بدلًا من تحمل المرض المتفشي والعنف العشوائي، ولأننا نعيش في نمط حضاري متسارع، فالطب الثالث يهدف إلى تحسين جودة الحياة من خلال عدة مجالات تكتيكية، وأهمها الرياضة.

عند ممارسة التمارين الرياضية يقع معظمنا في حيرة الاختيار بين تمارين اللياقة وتمارين المقاومة، وتفيض وسائل التواصل الاجتماعي ومقالات الإنترنت بالمعلومات الداعمة لإحداهما على حساب الأخرى، ولحل الجدل دعنا نناقش كلًّا منهما على حدة، ولنبدأ بتمارين اللياقة، تهتم هذه التمارين بمدى كفاءة جسمك في توصيل الأكسجين إلى عضلاتك، ومدى كفاءة عضلاتك في استخراج هذا الأكسجين، كلما كنت أكثر لياقة، زادت الطاقة التي لديك لعمل أي شيء تستمتع به، حتى لو كان نشاطك المفضل هو التسوق، وتُقاس اللياقة بـVO2 max، أي الحد الأقصى للأكسجين المستخدم، وهذا الرقم لا يتعلق بالرياضيين فقط، إذ بينت الدراسات أن ارتفاع VO2 max مرتبط بانخفاض معدل الوَفَيَات، كما تعمل تمارين اللياقة على تحسين قدرة الجسم على استخدام الجلوكوز، ومن ثم الحفاظ على صحة الميتوكوندريا، وهذه العُضَيَّات الخلوية تزداد أهميتها مع تقدمنا في السن.
والآن لننتقل إلى تمارين المقاومة، وجدت دراسة رصدية استمرت عشر سنوات على أشخاص تتراوح سنهم بين خمسين عامًا وما فوق، أن أولئك الذين لديهم كتلة عضلية منخفضة كانوا أكثر عرضة للوفاة مقارنة بأصحاب الكتلة العضلية المرتفعة، كما أوضحت الدراسات أن العضلات تحمي العظام وتحفز نموها أكثر من تمارين اللياقة، ومن ثم تحمي من حوادث السقوط، وهي إحدى مسببات الوفاة لدى كبار السن، وباختصار دعنا نتخيل أنك تود المشاركة في ماراثون العشاري المئوية، وهي مسابقة رياضية يتنافس فيها المعمرون، وها أنت في شبابك تستعد للمشاركة في هذه المسابقة عندما تصل إلى سن المئة، بصفتنا رياضيين من فئة المئوية، لم نعد نتدرب من أجل حدث معين، بل لنصبح نوعًا مختلفًا تمامًا من الرياضيين، رياضيي الحياة.
الفكرة من كتاب عمر أطول: علم وفن العيش لفترة أطول
نخاف جميعًا التقدم في العمر، ونود أن نحتفظ بصحتنا الجسدية والنفسية لأطول فترة ممكنة، فما الفائدة من طول العمر إن لم نتمكن من ترك السرير؟ ولا يعني طول العمر العيش إلى الأبد، فنحن لن نتمكن يومًا من التحرر من سهم الزمن، فكل شيء على قيد الحياة سوف يموت حتمًا، لكننا قد نتمكن من التحرر من تأثيرات سهم الزمن.
فما لعنة تيثونوس | Tithonus؟ وهل الشيخوخة هي المصير الحتمي؟ وكيف يمكن للطب مساعدتنا؟ وأخيرًا هل يمكن لتعديلات الروتين ونمط الحياة اليومي أن تتحول إلى دواء فعال للوقاية من الشيخوخة؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب عمر أطول: علم وفن العيش لفترة أطول
بيتر عطية: طبيب كندي من أصل مصري، حصل على شهادة الدكتوراه في الطب من جامعة ستانفورد، ثم عمل طبيبًا مقيمًا في جراحة الأورام في مستشفى جونز هوبكنز، كما أسس شركة “عطية ميديكو”، التي تقدم خدمات الاستشارات الطبية للشركات والأفراد عن كيفية تحسين صحتهم.
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.