الجانب المعرفي من القيادة
الجانب المعرفي من القيادة
بعد وجود شركة (نوكيا) لمائة عام تقريبًا غيَّرت من نشاطها؛ صنَّفت نفسها كشركة أخشاب واكتفت من نشاطها القديم بصناعة الرقاقات الإلكترونية الصغيرة والهواتف المحمولة، ولم تكن نوكيا وحدها التي اتخذت مثل هذا التحول الكبير، فقد تحوَّلت (تايم وارنر) مثلًا من دار نشر للمجلات إلى مؤسسة إعلامية عريقة في مجال الإعلام والاتصالات والترفيه، فما فعلته (نوكيا) و(تايم وارنر) وغيرهما من الشركات يكشف عن مدى أهمية إعادة التفكير كجزء من المُكوِّن العقلية للقيادة واعتبارها جزءًا من سلوكيات العقل، ولكن لا يعمل هذا الجزء بمعزل عن المُكوِّنات الأخرى، فإعادة التفكير في الأصل تجمع بين الجانب المعرفي بكونه تفكيرًا في إجراءات التشغيل، وبين الجانب العاطفي بقياس مدى تأثيره في الأشخاص، وكذلك الجانب السلوكي ممثلًا في شجاعة تحويله إلى أفعال واقعية.
فلا بديل عن إعادة تفكير القادة في إعادة ترسيم حدود أدوارهم وأعمالهم لأي قائد يرغب في القيادة الكاملة، ويتحقَّق ذلك من خلال فهم الأنواع الخمسة للحدود بهدف كسر حواجز الخوف المرتبطة بإعادة ترسيم الحدود، لا تدميرها، والأنواع الخمسة للحدود أولها الحدود الخارجية، إذ يفصل القادة بين المؤسسة والبيئة الخارجية، فلا ينظرون إلى شراسة منافسة المؤسسات الأخرى التي تتحدَّى استمرارهم.
وثانيها الحدود الرأسية، ويقصد بها غياب الدور التعليمي والإرشادي للقادة حيث تحظى النتائج وردود الأفعال لديهم بأهمية أكثر، وثالثها الحدود الأفقية، فلا يعترف كثير من المديرين بأهمية الشراكة فعليًّا، وإن حدث ذلك فتكون شراكة اسمية فحسب مما يؤثر سلبًا في روح المشاركة في فِرَقهم، ورابعها الحدود الجغرافية، إذ يواجه المديرون المتزمِّتون صعوبات في التعامل مع اختلاف الثقافات وقلما يتأقلمون مع القيم السائدة في المجتمعات الجديدة، ومنهم من يحاول فرض أساليب بعينها في بيئة العمل المختلفة تلك، وتأتي أخيرًا الحدود الشخصية، وتتعلَّق بشخصية القائد نفسه، فلم تعد عيوب ونقاط ضعف الشخصيات القيادية مقبولة في بيئة العمل كما كانت، مثل العزلة والغرور والتسلُّط، وقد تطوَّرت بيئة العمل بما يجعل لتلك العيوب والصفات غير الجيدة الأثر الكبير في الموظفين وفي أداء القادة أنفسهم.
الفكرة من كتاب العقل والقلب والشجاعة: ثلاث سمات تصنع منك قائدًا ناجحًا
شهد العالم تحولات مركزية كبرى في كل العلوم والفنون، ورافق ذلك تغيرات مفاهيمية وعملية تجعل من استيعابها وتغيير أدواتنا واستراتيجياتنا لتلائم هذه التحولات والتطورات ضرورة أساسية في أعمالنا. والقيادة كغيرها من العمليات تأثرت كثيرًا بهذه التحولات والتغيرات، مما عدَّ القيادة الجزئية المرتكزة على القوة وحدها فشلًا في العصر الحالي وإن كانت قد نجحت في عصور سابقة.
يقدم هذا الكتاب قراءة جديدة للقيادة المتكاملة بجوانبها الثلاثة: العقل والقلب والشجاعة، موضحًا مفهوم كل جانب كاشفًا عن الروابط العميقة بينها وما يشمله من عوائق تواجه القادة الراغبين في قيادة ناضجة.
مؤلف كتاب العقل والقلب والشجاعة: ثلاث سمات تصنع منك قائدًا ناجحًا
ديفيد إل دوتليتش David L. Dotlich: رئيسُ مَركزِ “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، ونائبُ الرئيس التنفيذي السابق في شركة “هانيويل إنترناشونال”، ومشارك في مؤلفات عدة منها: “قائد غير كامل”، و”ممرات القيادة”.
بيتر سي كايرو Peter C. Cairo: رئيس إدارةِ إعداد برامج تطوير المسؤولين التنفيذيين واستراتيجية القيادة في مركز “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، وأسهم في تأليف عدة كتب منها: “لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون”، و”عالقون في الوسط”.
ستيفن إتش راينسميث Stephen H. Rhinesmith: شريكٌ في مركز “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، وشغَلَ منصبَ رئيس شركة “هولاند أمريكا لاين”، ومن مؤلفاته: “دليل المديرين للعولمة”.