الجانب المظلم

الجانب المظلم
البثوث المباشرة لتيك توك مليئة بالأمور الغريبة وربما غير اللائقة أخلاقيًّا، فتيك توك لايف يُعد عالمًا مختلفًا تمامًا عن عالم تيك توك المعتاد، فإذا بدأ صانع المحتوى أو ما يسمى Host بثًّا Live ونجح في جذب أعداد من المشاهدين، فسيدعمه بعضهم ماديًّا بعملات افتراضية، ومن ثم يستطيع صانع المحتوى تحويلها إلى أموال حقيقية مع أخذ التطبيق عمولة منه، ومع الانتشار الواسع الذي يقدمه تيك توك فهذا يُعد فرصة للثراء السريع، ومحتوى البث المباشر متنوع أيضًا، فهناك من يصور نفسه يلعب ألعاب الفيديو، أو من يقوم بنشاط عادي كالطبخ، أما أشهر أنواع البثوث ما يسمى بالجولات، التي من خلالها يحصل أصحاب البث على هدايا رقمية يمكن بيعها وتحويلها إلى أموال حقيقية، وذلك من خلال ضغطات الإعجاب أو “التكبيس” من المتابعين، أي يحاولون إبهار متابعيهم كي يحصلوا على أكبر قدر من الأموال، ومن هنا نشأ مصطلح التسوّل الإلكتروني، إذ يضع الشخص الكاميرا أمامه في بث ويفعل كل ما هو غريب ودنيء من أجل لفت انتباه الداعمين وتقديم المال له، كمن يمثل أنه حيوان، أو يحمل لافتة يقول فيها: “أريد شراء أيفون 15” وما نحو ذلك، وقد يصل الأمر إلى بثوث جنسية وإباحية، بل صار من العادي فى تيك توك كشف مفاتن الجسم والرقص الإغرائي، كما انتشرت فئة تستدرج الأطفال للجنس!

باتت الأمور مخيفة الآن داخل تيك توك، ولكن جوانبه المظلمة ما زالت تؤثر خارجه، فأصبحت حياة الناس مسرحًا مفتوحًا، تجعل أي شيء قابلًا للبث والإعلان، وكل شيء مُقاس بمنظار الإعجابات والمشاهدات، كما شكّل هذا رغبة متزايدة في جعل الأمور بصورة مثالية، مثالية إلى درجة تجعل المشاهد يشعر بعدم الرضا عن نفسه وشكله، وخصوصًا بعد استخدام الفلاتر. وهناك جانب مظلم آخر وهو تزييف الاضطرابات النفسية، فتشير العديد من التقارير إلى أن الشخص الذي يدخل تيك توك بنفسية سيئة ربما ينتهي به الأمر إلى توصيف نفسه بالاكتئاب الحاد والسلوك الانتحاري، وغير تزييف الاضطرابات النفسية فهناك التزوير، إذ انتشر على تيك توك أن الاضطراب النفسية جذابة وتستحق التجربة والمشاهدة، ومن يصف نفسه أنه مريض نفسي في مواقف حياتية أو بثوث مباشرة تحصد الكثير من المشاهدات والأموال.
الفكرة من كتاب متلازمة تيك توك: كيف يغير تطبيق واحد العالم من حولنا؟
تطبيق تيك توك، ليس كباقي التطبيقات على جوالك أو جوالات أصدقائك، فبعض الدول كالهند وباكستان والصومال قد حظرته داخل بلادها، وحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حظره في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب مخاوف على الأمن القومي، وفي معركة طوفان الأقصى اعترف الاحتلال الإسرائيلي بصعوبة موقفه الدولي خصوصًا على منصة تيك توك!
مهلًا مهلًا، أليس التطبيق عبارة عن بعض الأغاني وبعض الرقص والتكبيس، وبعض المقالب والتحديات، وبعض المحتوى الترفيهي والتعليمي، وهكذا هو الأمر؟ أليس أيضًا أداة للنجاح والشهرة السريعة؟ فما علاقته بالحرب السياسية بين الإدارة الأمريكية ونظيرتها في الصين؟ ولماذا هذا الحظر من دول شرقية وغربية؟ وما آثاره النفسية والاجتماعية؟ وكيف غير تصورات المستخدمين ذهنيًّا ودينيًّا؟ وما مخاطره الحقيقية؟ وكيف له أن ينتشر كل هذا الانتشار ويُغير العالم؟ هذا ما سنعرفه في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب متلازمة تيك توك: كيف يغير تطبيق واحد العالم من حولنا؟
إسماعيل عرفة: كاتب وصيدلي مصري، تخرَّج في كلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية في عام 2018م، وهو باحث ومترجم مهتم بقضايا الإلحاد الجديدة والشبهات حول الإسلام، له عديد من التقارير والمقالات في عديد من المنصات المهتمة بالقضايا العقدية والفكرية. له مؤلفات عدة، من أشهرها:
رسائل ما قبل الانتحار.
الإباحية الجنسية: حان وقت سداد الفاتورة.
عصر الأنا: كيف تنتشر الفردانية بين الشباب العربي؟
لماذا نحن هنا؟ تساؤلات حول الوجود والشر والعلم والتطور.
الهشاشة النفسية: كيف صرنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟