التنبيه.. هل نحتاج إليه؟
التنبيه.. هل نحتاج إليه؟
تأتي كلمة “التنبيه | Nudge” في هذا الكتاب مرادفًا لكل تدخل يمكن إضافته بشكل غير مباشر إلى الاختيارات بغرض مساعدة الناس على اتخاذ القرار الصحيح، ولتوضيح المعنى أكثر تخيل أننا نتعامل مع طلاب مدرسة ابتدائية داخل قاعة الطعام ونريد أن نحفزهم بشكل غير مباشر لتناول طعام صحي، ومن أجل ذلك وضعنا الفواكه والخضراوات في الرفوف القريبة من متناول اليد بينما أبعدنا الحلوى عن الأنظار، ببساطة ما فعلناه هو المقصود بالتنبيه، وللتفرقة بين التنبيه والأمر المباشر دعنا نرَى هذين المثالين: الأول يشير إلى التنبيه وهو وضع الفاكهة في مستوى العين، أما الثاني فيشير إلى الأمر المباشر وهو حظر الحلوى تمامًا.
هل أدركت الفرق؟ ولكن هل نحتاج إلى تنبيهات فعلًا؟ بالطبع! نحن نحتاج إلى كل ما يمكن أن يحسن قراراتنا، وذلك لأن اختياراتنا -بأدلة عديدة- لا تكون مثالية في أوقات كثيرة. ويقع وراء عملية اتخاذ القرار عدة عوامل مؤثرة، أولها ما يسمى نقطة الارتساء، وتعني نقطة البداية التي تنطلق منها لاتخاذ قرار ما، ويمكننا أن نفهم نقطة الارتساء بشكل جيد إذا نظرنا إلى المزادات، فأول مبلغ يُعرض في المزاد يمثل نقطة الارتساء، وهو الذي يتحكم في قيمة المبالغ التي تليه، ولأن الجمعيات الخيرية تدرك جيدًا قيمة نقطة الارتساء وكيف تؤثر في المبلغ الذي تتبرع به، ستعرض عليك التبرع بأكبر مبلغ ممكن قدر المعقول، لأنك ستدفع أكثر إذا عُرض عليك دفع 100 جنيه مقارنة بدفع 10 جنيهات.
أما العامل الثاني من عوامل اتخاذ القرار فهو التوافر، ويعني أن اتخاذ القرار يعتمد على المعلومات والشواهد المتوافرة حاليًّا بغض النظر عن القدر الذي تمثله، فإذا عاصرت زلازل فستصبح أكثر تخوفًا من الزلازل، وفي الفترة التي تعقب حدوث زلزال يتزايد الطلب على التأمينات ووسائل الحماية ضد الزلازل، رغم كونه حدثًا أقل شيوعًا أضعافًا مضاعفة من أشياء كأزمة الربو والسكتة القلبية التي تودي بحياة كثيرين يوميًّا، ولكننا لا نسعى إلى أية حماية منها. وبعد نقطة الارتساء والتوافر يأتي العامل الثالث وهو الإغراءات، فكثيرًا ما نواجه صعوبة في ضبط النفس أمام المتع الآنية، فتصب القرارات في صالح تلك المتع على حساب المنافع الطويلة المدى، وبالإضافة إلى الاستسلام أمام الإغراءات يأتي رابع العوامل المؤثرة في قراراتنا وهو اتجاه القطيع، ولا أظنه يخفى على أحد.
الفكرة من كتاب التنبيه.. تحسين القرارات بشأن الصحة والثروة والسعادة
هل تثق بقراراتك ثقة عمياء؟ هل ترفض نصائح الآخرين بدعوى الحرية؟ ماذا لو نبهك أحدهم لأنك تسير في الاتجاه الخطأ أو أن ثمة طريقًا أقصر من الذي تسلكه؟ هل تتجاهل التنبيه وتصر على اتباع مسلكك؟ إذا كانت إجاباتك “نعم” أو حتى “لا” فهذا الكتاب بالتأكيد لك، ولا أريدك أن تنتظر كثيرًا حتى تبدأ رحلتك وتطلع على عالم القرارات والاختيارات والتنبيهات.
مؤلف كتاب التنبيه.. تحسين القرارات بشأن الصحة والثروة والسعادة
ريتشارد هـ. ثالر | Richard H. Thaler: هو اقتصادي أمريكي حصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 2017 لمساهماته في الاقتصاد السلوكي، وقد عمل أستاذًا للعلوم السلوكية والاقتصاد في كلية بوث للأعمال بجامعة شيكاجو، وتهتم أبحاثه بإيجاد الصلة بين الاقتصاد وعلم النفس وسيكولوجية اتخاذ القرار. ومن مؤلفاته:
Misbehaving: The Making of Behavioral Economics
The Winner’s Curse: Paradoxes and Anomalies of Economic Life
كاس ر. سنشتاين | Cass R. Sunstein: هو أمريكي متخصص في القانون والاقتصاد السلوكي، عمل أستاذًا في كلية الحقوق بجامعة شيكاجو لمدة 27 عامًا، كما كان أستاذًا بجامعة Robert Walmsley في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، وكذلك كان مديرًا لمكتب البيت الأبيض للمعلومات والشؤون التنظيمية في ظل إدارة أوباما منذ عام 2009 إلى عام 2012. ومن مؤلفاته:
Sludge: What Stops Us from Getting Things Done and What to Do about It
Decisions about Decisions: Practical Reason in Ordinary Life
معلومات عن المترجم:
عمر سعيد الأيوبي: عمل بالترجمة لما يزيد على خمسة وعشرين عامًا، وله عديد من الترجمات مثل: “الاستراتيجية التنافسية: أساليب تحليل الصناعات والمنافسين”، و”خرافة التنمية: الاقتصادات غير القابلة للحياة في القرن الواحد والعشرين”، و”الموت الأسود”.