التغطيات الاستراتيجية
التغطيات الاستراتيجية
يوجد نوعان من التغطيات الاستراتيجية، فالقادة يكذبون أحيانًا حينما تفشل سياسة ما فشلًا شديدًا، فيلجأون إلى الكذب لحماية مصلحة البلاد، وليس لحماية الأشخاص المخطئين، وإن كانت الحماية في صالحهم، ويكذب القادة أيضًا لإخفاء استراتيجية جيدة ولكنها مثيرة للجدل مخافة عدم تبنِّيها بسبب الرفض الجماهيري، وفي كلتا الحالتين يعتقد القادة بـأنهم يكذبون من أجل مصلحة بلدانهم.
وتوجه التغطية الاستراتيجية عادة إلى الجمهورين الداخلي والخارجي، وعلى نحو أدق فالجمهور المستهدف بالتغطيات الاستراتيجية يمكن أن يكون الجمهور الداخلي فقط، أو الجمهور الداخلى بالإضافة للخارجي. وفي هذه الحالة يتعامل القادة بالضرورة مع قضايا دولية ذات جوانب علنية، وبالتأكيد ستطرح أسئلة يصعب الإجابة عنها، فيلجأ القادة هنا إلى الكذب على مواطنيهم؛ لاعتقادهم بأن ذلك من مصلحة البلد، ومن هذا المنطلق أيضًا يحدث الكذب على الدول الأخرى.
ويلجأ القادة إلى هذه الاستراتيجية بسبب رغبتهم في إخفاء الفشل عن أعين العدو، أو الخوف من تأثير الحقائق بالسلب في علاقتهم مع الدول الأخرى، وأيضًا القلق على الجبهة الداخلية، فمثلًا في الحرب العالمية الأولى لم يحسن القائد العام للجيش الفرنسي التخطيط لمعركة فردان ومن ثم أساء إدارتها، وكان معظم القادة الفرنسيين يعلمون بذلك، ولكنهم لم يستطيعوا كشف عدم كفاءته للجمهور على الرغم من قتل آلاف الجنود وجرحهم أسبوعيًّا، ولجأوا إلى كتم حقيقته عن الشعب، ومن المؤكد أن هذه الاستراتيجية أكبر من الكذب بين الدول، وأن هذا التكتُّم وعجز الإدارة غالبًا ما يحدثان في حالة الحرب، وخصوصًا إذا كانت الحرب من أجل البقاء، ويكون هنا إخفاء الأخطاء عن الجمهور أمرًا سهلًا بسبب صلاحيات الحكومة في كثير من الأشياء لتقييد حرية تدفُّق المعلومات والتلاعب بذلك، مبرِّرةً ذلك بحالة الحرب.
الفكرة من كتاب لماذا يكذب القادة؟
يتحدث الكاتب عما أسماه “الكذب الاستراتيجي”، أو “النبيل” الذي يستخدمه القادة لتحقيق مصالح الشعب أو الوطن، لا المصالح الشخصية، ويرى أن الكذب نوعٌ من الخداع بالإضافة إلى الإخفاء والتلفيق، ويدرس أنواع الكذب الاستراتيجي، أهدافها ودوافعها وأشكالها، ومتى تزداد ومتى تقل، وأهمها إثارة المخاوف والتعمية أو التغطية الاستراتيجية وصناعة الأساطير.
مؤلف كتاب لماذا يكذب القادة؟
جون ميرشايمر John J. Mearsheimer: أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، تخرَّج عام 1970، وحصل على الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا، وقد داوم في كلية الخريجين بجامعة كورنيل عام 1975 وحاز شهادة الدكتوراه عام 1980.
له مؤلفات كثيرة عن القضايا الأمنية والسياسة الدولية بوجه عام، ومنها:
ليدل هارت ووطأة التاريخ.
مأساة سياسة القوى العظمى.
العائق النووي والأخلاق الاستراتيجية.