التسويق والتأثير في قرارات الأطباء والمرضى
التسويق والتأثير في قرارات الأطباء والمرضى
لكي نعرف كيف يُقرر الأطباء الدواء الذي يصفونه؟ علينا أن نعرف أن هناك أربعة عناصر تتشكَّل منها تلك العملية، وهي: (المريض، والجهة المموِّلة، والطبيب، وشركة الأدوية)، بالنسبة إلى المريض فإن الأمور بسيطة، فهو يُريد أن يصف له الطبيب أفضل علاج لمشكلته الصحية، ويتمنى المريض حينئذٍ أن يتخذ الطبيب القرار المناسب متمنيًا وجود نُظم فاعلة تضمن قيامه بذلك على النحو اللائق، وبالنسبة إلى الجهات الممولة فإن الأمور بسيطة أيضًا، فهي تريد نفس الشيء الذي يريده المريض، أما بالنسبة إلى العنصر المحوري وهو الطبيب، فهو في حاجة إلى معلومات عالية الجودة، وأن تكون متاحة له في الوقت المناسب، ومشكلة العالم الحديث ليست فقر المعلومات، بل وفرتها، وهو ما يُطلق عليه اسم “العجز عن فلترة المعلومة”، إذ لا يستطيع الأطباء قراءة كل مقال علمي يتصل بعملهم، لأن هناك عشرات الآلاف من الدوريات العلمية الأكاديمية، وملايين الأبحاث الطبية الأكاديمية التي تصدر وتزداد يومًا بعد يوم، ما يعني أن الأطباء لن يطلعوا على كل التجارب المتعلقة بكل العلاجات ذات الصلة بمجالهم، ومن ثمَّ لن تكون لديهم إمكانية التحقق من مدى فاعلية عقار ما، وأنه خالٍ من عيوب التجارب، ومن ثم فإن الأطباء يصفون الأدوية على نحو اعتباطي في ما يتعلق بفاعليتها أو مردوديتها!
أما بالنسبة إلى شركات الأدوية، فإن كلًّا منها تريد أن يصف الطبيب منتجها، وتفعل كل شيء يمكنها من التأثير في قرار الطبيب، وتُطلق الشركات على عمليتها التسويقية للأدوية “رفع درجة الوعي بالمنتج”، أو “مساعدة الأطباء على اتخاذ القرارات”، وهي في الحقيقة تريد رفع نسبة مبيعاتها وأرباحها، لذا سوف تُعلن عن علاجها الجديد في الدوريات الطبية، ذاكرة كل فوائده ومضخمة لها، وفي الوقت نفسه سوف تهوِّن من مخاطره، وتبتعد تمامًا عن مقارنته بالأدوية المنافسة، كما سوف تُرسل مندوبي الشركة لمقابلة الأطباء للتحدُّث عن مزايا العلاج، وتقديم الهدايا لهم، بل وإقامة علاقات شخصية معهم، مما يؤثر في قرارات الأطباء في وصف العلاج للمرضى! وقد قُدِّرت الأموال التي تُنفقها شركات الأدوية على التسويق والترويج لمنتجاتها، بأنها ضِعف ما تُنفقه تقريبًا على الأبحاث والتطوير! وهذا الرقم بالتأكيد يثير قضية أخلاقية، إذ تدَّعي تلك الشركات أنها تحتاج إلى الأموال لتمويل البحث والتطوير، في ظل أن العديد منها ترفض السماح لبلد نامٍ أو فقير بالحصول على دواء جديد بمقابل معقول! لذا فإن تسويق شركات الأدوية لمنتجاتها وُجد لسبب وحيد وهو تضليل الأطباء، والتأثير في عملية اتخاذ القرارات المستندة إلى الأدلة في مجال الدواء!
الفكرة من كتاب شرور شركات الأدوية… فساد صناعة الدواء والسبيل إلى إصلاحه
يُبيِّن الكاتب الفساد الذي استشرى في صناعة الدواء، إذ كثيرًا ما يُطرح الدواء في الأسواق ثم سُرعان ما تظهر آثاره الجانبية الوخيمة والضارة ويثبُت فشله، فيتم سحبه من الأسواق بعد أن تسبب في أضرار جسيمة تُفضي إلى المعاناة والألم، بل وقد تكون قاتلة في كثير من الأحيان! والسبب في ذلك شركات صناعة الدواء والباحثون ومراقبو الأدوية.
مؤلف كتاب شرور شركات الأدوية… فساد صناعة الدواء والسبيل إلى إصلاحه
بن جولديكر: هو طبيب بريطاني، وكاتب، ومذيع، درس الطب في كلية “مودلين” بجامعة أكسفورد، ويعمل حاليًّا في هيئة الخدمات الصحية والوطنية في المملكة المتحدة، ومن مؤلفاته:
شرور شركات الأدوية.
العِلم الزائف.
معلومات عن المترجمين:
محمد عبد الرحمن إسماعيل: هو طبيب، ومترجم مصري، تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة، عمل بمجال الترجمة بجوار الطب، لا سيَّما الترجمة العلمية والطبية، ومن كتبه المترجمة:
الثورة العلمية.
الجدول الدوري.
الجزيئات.
القومية.
هبة عبد العزيز غانم: مترجمة مصرية، تخرجت في كلية الألسن جامعة عين شمس، وحصلت على دبلومة الترجمة من كلية الآداب جامعة القاهرة، لها العديد من المراجعات والترجمات للعديد من الكتب في مجالات مختلفة ومتنوعة، ومن ترجماتها:
الواقع.
تجربة البروفيسور.
الخطر!
رحلات الفضاء.