التخرُّج المنزلي!
التخرُّج المنزلي!
مع الوقت كان يزداد اضطراب الكلام لدى آيا، وأصبح التعبير عن المشاعر والأفكار وخوض نقاشات أكثر صعوبة أيضًا، بل حتى الاعتذار لم يعد سهلًا، البكاء وحده كان سهلًا عليها، وفي إقامتها الثانية في المستشفى كان عليها أن تتعوَّد استعمال العكازات والقيام من الكرسي المتحرك، وأيضًا أن تجرب بعض الأعمال اليدوية، فالحالة كما هي لم تتحسَّن لكنها لم تزدد سوءًا أيضًا، إلا أنها -وعلى العكس من فترات بقائها في المدرسة- قد حظيت في المستشفى بصداقات جديدة، وتعرَّفت على أناس أو بالأحرى مرضى وممرضات أولوها اهتمامًا وعنايةً لطيفة وصادقة.
لحظة التخرُّج هي بالطبع لحظة فارقة في حياة المرء، أما بالنسبة لشخص معاق فهي مرحلة جديدة من التحديات مع المجتمع الخارجي، ومع نفسك لتقرِّر ما الذي يمكنك أن تضيفه إلى نفسك وللآخرين بناء على ما تملكه من إمكانيات وأدوات، وبالنسبة لآيا فقد قرَّرت البقاء في المنزل وربما تتبرَّع بأعضائها بعد أن تموت، لكنها كانت تعمل أيضًا على تحسين حياتها في المنزل لنفسها، ولئلا تكون عبئًا على من حولها أيضًا، ومن ذلك قرارها أن تجد هدفًا جديدًا لنفسها في الحياة، لكنها لم تفعل فكان كل هدفها أن تحافظ على نفسها سليمة بغير كدمات أو غرز جديدة أو سقطات مؤلمة.
كان عليها أن تقضي فترات النهار كلها بمفردها حتى يعود أبواها من العمل وإخوتها من المدرسة، ما جعلها تشعر بالوحدة لأوقات طويلة، وبخاصةٍ كونها خريجة ولم تحاول الانخراط في أي عمل مجتمعي، ومع مرور الوقت أهداها أهلها هرَّة كنوع من أنواع المؤانسة.
تقول آيا: “يجلس الطفل عندما يكون عمره نحو ثمانية أشهر، ويزحف عندما يبلغ عشرة أشهر، ويمشي عندما يتجاوز عمره عامًا واحدًا، أما أنا فقد كنت أسيرًا ثم عدت تدريجيًّا إلى الزحف، وها أنا الآن أجلس معظم الوقت”، نعم لقد تطوَّر المرض معها لدرجة أنها لم تعد قادرة على المشي فتضطر والدتها إلى حملها على ظهرها، ليس هذا فحسب، بل زادت مشاكل بلع الطعام، وأصبحت رؤية الأجسام وقراءة الأحرف أيضًا صعبة، ولم تعد تستطيع القدرة على التركيز حتى على كتابة مذكراتها.
الفكرة من كتاب لتر من الدموع: نضال شابة للحياة “مذكرات آيا”
ضمور المخيخ والحبل الشوكي، مرض يُفقِد الجسد القدرة على الحركة تدريجيًّا، وعلى الرغم من ذلك فقد قاومت آيا كيتو كثيرًا، وكانت استثناءً لكل من حولها وكتبت مذكراتها تفصيلًا منذ لحظة إصابتها كجزء من المساعدة على التشافي، نعم الكتابة تساعد كثيرًا على تصحيح الأخطاء وتغيير الطباع والخروج من الاكتئاب والحزن.
وجاءت فكرة نشر هذه المذكرات من والدتها لتهديها شيئًا تتمسَّك به وتقاتل المرض من أجله.
مؤلف كتاب لتر من الدموع: نضال شابة للحياة “مذكرات آيا”
آيا كيتو: فتاة يابانية ولدت في التاسع عشر من يوليو عام 1962 وتوفِّيَت في الثالث والعشرين من مايو عام 1988، ألَّفت مذكِّراتها منذ إصابتها بمرض في سن الخامسة عشرة حتى تُوفِّيَت وهي في سن الخامسة والعشرين، وقد حُوِّلت مذكِّراتها هذه فيما بعد إلى عمل تلفزيوني.
معلومات عن المترجم:
الدار العربية للعلوم (ناشرون): قام بتأسيسها الإخوة شبارو في بيروت عام 1986 تقوم بنشر العلوم الحديثة باللغة العربية، وخصوصًا علوم التقنيات الحديثة والتطبيقات العملية للعلوم في حياتنا المعاصرة، وتضمُّ قائمة منشوراتها أكثر من 3000 كتاب تقريبًا تغطي المواضيع التالية: الكمبيوتر والإنترنت والبرمجة، والعلوم الطبيعية والاختراعات العلمية، والإدارة والمهارات الإدارية، والصحة والرشاقة والعناية بالطفل والأسرة، والناشئة، والطبخ العربي والعالمي، والديكور والتجميل المنزلي، والسفر والرحلات، والرياضة، ومواضيع أخرى عديدة.