البقاء للأصلح
البقاء للأصلح
تحرك الكثير من المنظمات والمؤسسات سعيًا إلى تحقيق سيادة الأمة الأمريكية، وانطلقت الدعاوى المغلفة بالعلم ومبررات التطور الطبيعي من أجل التوسع، فالبقاء للأصلح كما يقول داروين، وفي اعتقادهم فالعرق الأصلح هو الأنجلوسكسون أو الزنابير (الأنجلوسكسون البيض البروتستانت)، وباعتبار أن أسباب الفقر والجهل بيولوجية فقد كانوا يرفضون محاولات دعم الفقراء والجمعيات الخيرية ودعوات المساواة والعدالة الاجتماعية لما فيها من تعطيل ومعارضة لقوانين الطبيعة.
ودعت حركات علم التناسل لتعقيم الفقراء والمكفوفين والصم وذوي الاحتياجات الخاصة، ومن يتقرَّب إليهم من عائلاتهم وإن كانوا أصحاء، فالدم الأنجلوسكسوني النقي لا ينبغي تلويثه أو إفساده بدماء غير نقية كما يرى غالتون عرَّاب العنصرية العلمية الذي دعا لإعطاء إذن للإنجاب والتأكُّد أن الزيجات لن تأتي إلا بأبناء أكثر قوة، فإن كانت الطبيعة تسير بقانون البقاء للأقوى ولكن ببطء وقسوة وعمى، فلماذا لا يقوم الإنسان بتسريع هذه الخطوات بحكمة؟!
فالدم النقي مقدر له السيادة على باقي الأعراق، واللغة الإنجليزية والقانون الإنجليزي ومؤسساته هي من يجب أن يكون لها السلطة لحكم العالم، وفي العقود الستة الأولى من القرن العشرين تم تعقيم الملايين من الأمريكيين الفقراء، بالإضافة إلى ملايين من الأجناس الأخرى، واقتيد الكثيرون للمصحات العقلية وتركوا فيها حتى الموت، وبلغ بهم البغي أن تكون تسليتهم عرض عينات من الأجناس الدنيا في حدائق الحيوان كما حدث مع الفتى أوتا الذي تم اختطافه من الكونغو وهو في عمر الثالثة والعشرين ووضعه في متحف كنموذج للإنسان الوحش، ثم تم نقله إلى حديقة الحيوانات في قفص مع قرد وببغاء للتسلية، وانتهى الأمر بالفتى إلى الانتحار!
الفكرة من كتاب أميركا والإبادات الجنسية
يعثر الكاتب بالمصادفة على وثيقة وضعها الدكتور الأمريكي هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي عام 1974 بتوجيه من الرئيس جيرالد فورد تضع خطة لتعقيم نساء ثلاث عشرة من دول العالم الثالث من ضمنها مصر في خلال خمسة وعشرين عامًا، وبعد ثلاثة أعوام بدأت الحكومة الفيدرالية الإجراءات العملية، ورصدت الميزانية والوسائل الكافية لتعقيم ربع نساء العالم، واللائي كُنَّ في تقديرهم في ذلك الوقت خمسمائة وسبعين مليون امرأة!
عرَّف الكاتب فكرة أمريكا بأنها “احتلال الأرض واستبدال شعب بشعب، وثقافة وتاريخ بثقافة وتاريخ”، وهي نفسها الفكرة التاريخية لإسرائيل، شعب الله المختار المستحق وحده البقاء!
مؤلف كتاب أميركا والإبادات الجنسية
منير العكش: باحث وأستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك في بوسطن، حاز عام 1983 وسام أوروبا لحوار الحضارات، وهو مؤسس ورئيس تحرير مجلة جسور.
ألف وترجم أكثر من 22 كتابًا بالعربية والإنجليزية، ويعد من أبرز الباحثين العرب في الدراسات الأمريكية، ومن أبرز مؤلفاته:
تلمود العم سام.
هكذا تكلم محمود درويش.
أميركا والإبادات الثقافية.
أميركا والإبادات الجماعية: حق التضحية بالآخر.