الأهمية التاريخية لكتابات الرحالة الغربيين
الأهمية التاريخية لكتابات الرحالة الغربيين
لولا ما كتبه الرحالة لفاتنا الكثير عن عادات الشعوب وأنماط ثقافتهم ومعاشهم، وكثير من كتاباتهم مشفوعة بالصور والخرائط، وقد ترك الرحالة الأوروبيون تفاصيل كثيرة عن العراق والجزيرة والخليج العربي خلال القرون الثلاثة الماضية ليست مبيَّنة في المؤلفات العربية.. وإن كان يشوبها تحيزات فكرية وأحكام مسبقة مع نظرة استعلائية، إلا أنها مجهودات بشرية لا غنى عنها في معرفة أحوال هذه المناطق خلال تلك العصور، كما تكشف لنا كيف هي نظرة الرحالة إلى تلك البلاد وانطباعاتهم التي أخذوها عنا، وكتابات الرحالة تعكس بثًّا مباشرًا وشهادة تاريخية حية لما رأته العين وسمعته الأذن في اللحظة نفسها التي يزور فيها المكان ويلتقي سكانه؛ فتأتي ملاحظاته عفو الخاطر وأصدق لهجة، وتحمل من المشاعر الإنسانية ما لا يمكن أن تمتلكه الكتابات التاريخية في الأزمنة المتأخرة.
ومما يزيد أهمية تلك الكتابات وحاجتنا إلى دراستها دراسة واعية أن أصحابها متعدِّدو المشارب والاهتمامات، كلٌّ بحسب ميوله والغرض الذي جاء من أجله؛ فمنهم من اهتمَّ بالأرض والتضاريس والمناخ والظواهر الطبيعية مثل (فالين)، وركَّز (بالجريف) على النواحي الأخلاقية والثقافية والفكرية للسكان، أما (فنري لونهارت) فجمع بين الاثنين، كما أن الأوروبيات أُتيح لهن من دراسة أحوال المرأة وشكل مطبخها وأسلوب إدارتها لبيتها ما لم يصل إليه الرجال، وقد سمح الأمير محمد للمستشرقة آن بلنت بزيارة زوجاته، كما أن تنوُّع الجنسيات التي زارت الشرق العربي بين البريطانية والفرنسية والإسبانية والألمانية والإيطالية والروسية، وكذلك اختلاف عقائدهم من نصرانية ويهودية، تجعل مؤلفاتهم متنوعة بقدر تنوع ثقافاتهم القومية وعقائدهم الدينية، فتتعدَّد زوايا النظر للباحث والقارئ العربي وتكتمل عنده جوانب النقص في الصورة المُشاهَدة وتعطيه فرصة أكبر للجمع والمقارنة.
الفكرة من كتاب كتابات الرحالة مصدر تاريخي
يقول ابن خلدون: “فالرحلة لا بد منها في طلب العلم ولاكتساب الفوائد، والكمال بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال”، وكتابات الرحالة ذاكرة تاريخية مهمة وإن كانت لا تُصنَّف ضمن كتب التاريخ لكنها حوت معلوماتٍ مفيدة للغاية لدارس التاريخ لأن الرحالة يدوِّن الأحداث التي استهوته خلال الرحلة ويصف المعالم والآثار التي شاهدها ويحلِّل عادات وتقاليد القوم الذين عاينهم ويرسم أنماط حياتهم الاجتماعية والسياسية، ما يقلُّ الالتفات إليه من جانب المؤرخين المعنيين بتسجيل الأحداث الكبيرة وسير العظماء.
مؤلف كتاب كتابات الرحالة مصدر تاريخي
الدكتور علي عفيفي غازي: ولد في ١٥ فبراير ١٩٧٩، وحصل على ليسانس الآداب في التاريخ من جامعة الإسكندرية ثم شهادة الماجستير في الآداب من قسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وكان موضوع رسالته للدكتوراه “رؤية الرحالة لقيم وعادات عشائر العراق (١٨٠٠ – ١٩٥٨)”، وعمل مديرًا لمكاتب جريدة “الشرق العربي” بجمهورية مصر العربية منذ يناير ٢٠٠٧ ومشرفًا عامًّا على جريدة “أخبار كفر الشيخ”، وهو عضو بالجمعية المصرية للدراسات التاريخية.
أبرز مؤلفاته:
– رؤية الرحالة للمرأة البدوية في العراق والجزيرة العربية.
– الخط العربي في كتابات الرحالة الغربيين.
– الجزيرة العربية والعراق في استراتيجية محمد علي.