الأقنعة.. تعرَّف على بعض أصناف البشر
الأقنعة.. تعرَّف على بعض أصناف البشر
احذر وأنت تتعامل مع الناس أن تقيِّمهم على أساس بعض الأفعال الجيدة التي تراها منها، فالحقيقة فقط تُكشَف عند مواطن الاختبار والصعوبات، وهناك تدرك من الشريف فعلًا ومن كان يتحلَّى بالشرف لوقت محدِّد، فهناك من يرى أن القيم الفاضلة هي شخصه وروحه، وهناك من يرى فيها المنفعة فيتحلَّى بها ليصل إلى ما يريد، أو قد تجده يناصر قضية ما لأنه يجد التقدير من الناس بسببها، وعند اللحظة الحاسمة ستجده أول من يهرب؛ ذلك لأنه لم يكن منتميًا بحق إلى القضية، وإنما كانت له مصلحة تزيد من زهوه واعتداده بنفسه.
وقد تلتقي أصنافًا أخرى من البشر، يكونون شجعانًا وأصحاب قضايا لأنهم لم يختبروا فقط، والاختبار يكون إما برشوة أو بعقاب، فتجده يتخلَّى عن مبادئه بسهولة، وهذه من وسائل الكشف عن معدن الشخص الحقيقي.
هذه ليست دعوة لأن نحكم على الناس، بل لئلا نتسرَّع في الحكم على أنفسنا بالصلاح، لأننا لم نختبر بعد ولم يظهر لنا ما يفتننا، ولا نعرف وقتها هل ستظهر صدق نوايانا، أم سنتخلَّى عن كل ما كنا ننادي به، وقد يبدأ الإنسان في الإيمان ببعض الأفكار اللامنطقية ويدافع عنها، فقط لأن المدخلات حوله كلها تنادي بهذه الأفكار وهذه يجعله شخصًا سلبيًّا متواكلًا، وهذا ما أسماه ألبرت أليس بالشخص غير العقلاني، وبعض الأفكار غير المنطقية تشجِّع الشخص أن يقبل الظلم ويدافع عنه، وهذه الأفكار ترسَّخت في العقل الجمعي لدى الكثير من الشعوب العربية، فجعلتهم قابلين متكيِّفين مع أي شيء صحيح أو خاطئ، وهذا ما شجَّعته حِكَم الأجداد والتراث الشعبي.
وإذا أردنا الخروج من هذه البقعة المظلمة علينا التخلِّي عن الأفكار السلبية والوقوف في وجه الموروثات الخاطئة اللاعقلانية، وأن نزرع الوعي ونجادل في كل معلومة نظن فيها الخطأ.
فأسوأ ما قد يعانيه الإنسان أن يصبح انهزاميًّا منقادًا نحو كل شيء، وقد أثبت الباحث الأمريكي سليجمان أن البشر ينكسرون عندما يشعرون بالعجز ويفقدون الأمل، وقد ظهر هذا أيضًا عندما قام بتجربة على كلب فحبسه في قفص حديدي ثم عرَّضه للصدمات الكهربية، في البداية حاول الكلب المقاومة لكنه في النهاية استسلم حتى عندما فُتِح القفص له كان خائفًا ساكنًا لا يريد الحركة ولاينبح حتى، وهذا ما يحدث أيضًا للإنسان إذا تعرَّض لانكسارات أشعرته بالعجز، وقد يلجأ حينها إلى الانتحار، وأكثر ما يدفعنا إلى ذلك هو الاستسلام للواقع والتأقلم معه وعدم المناداة بحقوقنا.
الفكرة من كتاب أنبياء كذبة
يبدأ الإيمان بـ”لا إله إلا الله” وهي دعوى إنكار الألوهية ورفضها لأي إله سوى الله، أي أن الإيمان بالله يبدأ بالكفر بما سواه، وهو ما أدركه كريم الشاذلي بعد رحلة طويلة من الأمل ودعوة الناس للحلم؛ لكن عندما ظهرت نهاية الحلم وكانت فاسدة ومخيِّبة للآمال، اتُّهم الشاذلي بأن دعوته للتفاؤل كانت مضللة للناس، وبعد تفكير اكتشف خطأه وأقرَّ به، ومن هنا أدرك أنه لنبني واقعًا جميلًا يجب أن نهدم الأساس الفاسد، ولنؤمن بشيء تمام الإيمان يجب أن نكفر بما يعاكسه، إذن الكتاب دعوة للتحريض على رفض أخطاء سلبيات الواقع، فكما أن الخير له دعاة وأنبياء، الفساد أيضًا له رهبان وأنبياء يعرفون ثغرات النفوس ويغرسون الأفكار السلبية والفاسدة ويعطِّلون قدرتك على الانتقاد والرفض ويغلِّفون كل هذا برداء الدين، فقبل الحديث عن أي بداية أو خطوة جديدة، أو أمل وتفاؤل يجب علينا مواجهة أسباب فشلنا وضعفنا، ورفض من سرق منا الحلم وصمَّم على توريثنا الذل نحن ومن يأتي بعدنا وجعلنا جيلًا مسخًا.
مؤلف كتاب أنبياء كذبة
كريم الشاذلي: كاتب وإعلامي وباحث ومحاضر في مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية، استطاع في مدة قياسية أن يصل إلى أكثر من نصف مليون قارئ عربي من خلال 15 كتابًا مطبوعًا، وقد تُرجِمَت كتبه إلى العديد من اللغات، وقد تقلَّد منصب مدير عام دار أجيال للنشر والتوزيع، وأعطى محاضرات في جميع جامعات مصر، وحلَّ ضيفًا على كثير من البرامج التلفزيونية في الدول العربية.
من أبرز مؤلفاته: “امرأة من طراز خاص”، و”الإجابة الحب”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”جرعات من الحب”، و”أفكار صغيرة لحياة كبيرة”، و”إلى حبيبين”.