إلامَ يحتاج آسر فعلًا؟
إلامَ يحتاج آسر فعلًا؟
بعد كل هذه المعاناة ومرور السنوات الواحدة تلو الأخرى، دعنا نقف قليلًا لنرى ما الذي يحتاج إليه آسر فعلًا؟
أول ما يحتاج إليه آسر هو الفهم الجيد لطبيعة الاضطراب الذي يعانيه، فما اضطراب الطيف التوحدي؟ يمتاز اضطراب الطيف التوحدي بثلاثة جوانب أساسية وهي السلوكيات غير المرغوبة، وصعوبات اللغة والتواصل، والمشكلات الحسية، ولتكن بدايتنا مع السلوكيات غير المرغوبة وأهمها الغضب والانفعال، ولكنه ليس كغضبنا وانفعالنا، فما الذي يجعل الغضب في اضطراب الطيف التوحدي مميزًا؟ يلجأ الطفل العادي إلى الغضب ليحصل على أشياء صعبة المنال، أما الطفل المصاب بطيف التوحد فالغضب طريقته في التعبير عن كل شيء!
في أثناء نوبة الغضب يحذر الطفل الطبيعي مما قد يؤذيه ويراقب رد فعل الطرف الآخر، وتستغرق النوبة وقتًا محددًا ثم تنتهي بأن يحصل على ما يريد، أما طفل الطيف التوحدي فتختلف نوبة غضبه تمامًا، إذ تصاحبها حركات نمطية مثل الرفرفة باليد والدوران حول النفس بالإضافة إلى محاولات إيذاء النفس أو الآخرين، حتى إن البعض قد يحبس أنفاسه أو يرمي نفسه على الأرض، كما تكون هنالك حالة من عدم الاكتراث لرد فعل الطرف الآخر. وغالبًا ما تحدث نوبات الغضب والانفعال هذه في الأماكن المزدحمة والمحلات التجارية والأسواق ووسائل المواصلات والتجمعات.
هذا عن الغضب والانفعال، أما صعوبات اللغة والتواصل فتتمثل في عدم القدرة على إرسال واستلام وإدراك المفاهيم اللفظية وغير اللفظية، كاستخدام الإشارات والإيماءات وتعبيرات الوجه، ومن ثم عدم القدرة على التواصل السمعي والبصري مع الآخرين وانعدام التفاعل مع المحيطين واللجوء إلى الصراخ والبكاء وسيلة دائمة للتعبير.
وبالنسبة إلى الاضطرابات الحسية فتعني أن أطفال الطيف التوحدي لديهم استجابات غير عادية للمثيرات الحسية المختلفة مثل الأصوات والضوء والروائح والملمس والتذوق، فبعضهم شديد الحساسية والبعض الآخر متبلد الإحساس، لذا فاستجابتهم تجاه هذه المثيرات تكون دائمًا أكثر أو أقل من الطبيعي مما يسبب لهم مشكلات عدة، ولا يعاني طفل الطيف التوحدي من مشكلات الحواس الخارجية فقط بل يعاني من اضطراب الحواس الباطنية العامة وهي الحواس الخاصة بحالة الأمعاء والمعدة، والخلل في هذه الحواس يُفقد الطفلَ التمييز بين حالتي الجوع والشبع والراحة والتعب، وغالبًا ما تصاحبها اضطرابات في الجهاز الهضمي كاضطراب الشهية والإمساك والإسهال، بالإضافة إلى معاناة الطفل من اضطراب الحواس الباطنية الخاصة التي ترتبط بالحركة والتوازن.
الفكرة من كتاب أيامي مع التوحد: حكاية إرشادية للأمهات
التوحد! ما معنى هذه الكلمة؟ هل هو اضطراب نفسي؟ وما علامات هذا الاضطراب؟ وكيف يكون الشخص المصاب به؟ هل يعيش بشكل طبيعي؟ وكيف تكون حال أسرته؟ ثم يا تُرى ما احتياجاته؟ وهل يمكن أن يجد هذه الاحتياجات ذات يوم ويحظى بحياة جيدة؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سنجيب عنها من خلال رحلتنا مع “آسر”، الذي سنصحبه في مشواره مع التوحد منذ أيامه الأولى.. فإذا أردت يومًا أن تخوض رحلة تشعرك بإنسانيتك وتثير فيك العطف والرحمة والتفهم، فلن تجد فرصة أفضل من هذه.
مؤلف كتاب أيامي مع التوحد: حكاية إرشادية للأمهات
أحمد البكري: حاصل على ماجستير اضطرابات النطق والتوحد، وباحث دكتوراه في اضطراب الطيف التوحدي، ولديه مركز خاص بتأهيل أطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة.