إعادة فهم منهجية الفكر الإسلامي
إعادة فهم منهجية الفكر الإسلامي
لكي يستردَّ العقل المسلم عافيته فعليه أن يستعيد رؤيته الإسلامية الكاملة المبنية على التوحيد والوحدانية، والتي تجب فيها الغائية، وتجب فيها السببية، ويتوحَّد فيها الغيب والشهادة ويتكاملان، ويتوحَّد فيها الوحي والفطرة (العقل والكون) ويتكاملان، وبذلك ترشد مسيرة هذا الإنسان وهذا العقل، ويجد سعيه ويتحقَّق له وعد الله بالقدرة والنصر.
وإذا أردنا فهم طبيعة الفكر الإسلامي ومنهجيته يجب الإحاطة بمفهوم الغيب والشهادة، فمفهوم الغيب والشهادة هو الإطار الأشمل الذي يحدِّد معنى الوجود الإنساني ومعنى العقل الإنساني ودوره في الحياة الإنسانية، وحدود هذا الدور ومجالاته، فمن خلال إدراك العقل المسلم لمبادئ عالم الغيب إدراكًا صحيحًا، فإنه يتعامل مع عالم الشهادة وشؤون الحياة والكائنات بأسلوب صحيح، فيسعى إلى تسخيرها وتنظيمها ورعايتها وإصلاح شأنها على أساس من المعرفة الموضوعية بأحوالها ووقائعها وطبائعها، وما أودع الله فيها من سنن ونواميس تحقيقًا لمعنى الخلافة وفق توجيه الوحي وأوامر الحق ومقاصد الشريعة وأحكامها المنزلة.
كذلك من أجل فهم المنهجية الإسلامية والفكر الإسلامي لا بدَّ من فهم منطلقاتهما الأساسية، وهي التوحيد والخلافة والمسؤولية الأخلاقية، فإذا اتضحت لنا معاني هذه المنطلقات الثلاثة أمكن للمسلم الفرد وللأمة المسلمة أن تتبيَّن طريقها وأن تستعيد مصدر طاقتها وهداية سبيلها، وأن تنجح في تنشئة أبنائها على المنهج الإسلامي الصحيح.أما بخصوص مصادر هذه المنهجية فيمكن حصرها في مصدرين أساسيين هما الوحي والعقل، فجوهر الوحي هو توضيح طبيعة علاقة الإنسان بالله، وغاية وجود الإنسان في الكون، ودليل حركة الإنسان في الحياة، ومصير هذا الإنسان فيما وراء الحياة، أما العقل فهو وسيلة الإنسان لتلقِّي وفهم الوحي على النحو الصحيح واتخاذه مرشدًا وموجِّهًا لعمل الإنسان وبناء الحياة.
ولا بدَّ من معرفة المفاهيم التي يعمل هذا العقل وهذه المنهجية على أساسها ويتحرَّك بها وتمثِّل جانبيه العملي والتطبيقي، ومن أهمها: غائية الخلق والوجود أي الغاية من الحياة، وحرية القرار والإرادة، وموضوعية الحقيقة ونسبية الموقع منها، وكلية التوكل على الله، والسببية في أداء الفعل الإنساني.
الفكرة من كتاب أزمة العقل المسلم
إن الأزمة التي تمر بها الأمة الإسلامية أزمة عميقة ومتشعِّبة، ولفهم هذه الأزمة كي يتم التعامل معها بشكل صحيح للقضاء عليها ينبغي معرفة أسبابها وبذل الجهد المطلوب للتخلُّص منها ثم تصحيح أوجه القصور والضعف وإعادة توجيه الأمة إلى المسار الصحيح الذي يضمن مستقبل الإنسانية كافة وليس الأمة الإسلامية فقط.
في هذا الكتاب يعرض الكاتب أزمة الأمة الإسلامية والعقل المسلم المعاصر، ويضعها موضع الفحص الدقيق المكثَّف ليبيِّن لنا جذور الأزمة ومسبِّباتها، ثم يقترح الحلول التي ينبغي أن تُتخذ للخروج من هذه الأزمة وتصحيح مسار الأمة والقضاء على الأمراض والشوائب التي حلَّت بها.
مؤلف كتاب أزمة العقل المسلم
عبد الحميد أبو سليمان: مؤسِّس المعهد العالمي للفكر الإسلامي والمدير العام الأسبق للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، والرئيس المؤسس لمؤسسة تنمية الطفل، والمؤسس والرئيس الأسبق لجمعية علماء الاجتماعيات المسلمين بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ومؤسس ورئيس تحرير سابق للمجلة الأمريكية للعلوم الاجتماعية الإسلامية، وُلِد بمكة المكرمة عام 1936م، وحصل على بكالوريوس التجارة في قسم العلوم السياسية من كلية التجارة بجامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من الكلية نفسها، وحصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة بنسلفانيا بفيلادلفيا في الولايات المتحدة.
له العديد من المؤلفات والكتب منها: نظرية الإسلام الاقتصادية: الفلسفة والوسائل المعاصرة، والسياسة البريطانية في عدن والمحميات ما بين عام 1799 وعام 1961م، والنظرية الإسلامية للعلاقات الدولية: اتجاهات جديدة للفكر والمنهجية الإسلامية، وبالاشتراك إسلامية المعرفة: الخطة والإنجازات، والعنف وإدارة الصراع السياسي في الفكر الإسلامي بين المبدأ والخيار: رؤية إسلامية، وقضية ضرب المرأة وسيلة لحل الخلافات الزوجية!