أعِد التقييم
أعِد التقييم
بعد اختيار الفكرة المناسبة قد يصيب النجاح الرؤساء التنفيذيين بالعمى تجاه التغييرات ويعاودون التمسُّك بالصناديق الحالية دون إدراك أن العالم الآن يتسم بالسرعة، وأن الأفكار كالطعام أصبح لها صلاحية تنتهي بمرور الوقت أو بالتعرُّض لبعض الظروف، وهنا تكمن فائدة الخطوة الخامسة، والتي تهدف إلى إدراك متى يحين وقت الشك في الصناديق الحالية وصنع صناديق جديدة، إذ إن التسرُّع أو التهاون في صنع صناديق جديدة يُعرِّض الشركة لخسائر فادحة، فسعي شركة مثل شركة نتفلكس وراء حقيقة زيادة نسب مشاهدة الفيديوهات عبر الإنترنت على حساب استئجار شرائط DVD، دون إدراك ارتباط عدد كبير من المستهلكين بالشرائط والأظرف الحمراء التي يتم وضع الشرائط فيها، أدَّى إلى خسارة الشركة لثمانمئة ألف من المشتركين وانخفاض أسعار الأسهم لما يزيد عن خمسة وعشرين بالمائة.
على الجانب الآخر هناك شركة فورد موتور التي بدأت تلبِّي رغبات المستهلكين في امتلاك سيارة تعمل بالبنزين، سهلة التصليح وبسعر منخفض، فأدَّى ذلك إلى نمو مفاجئ للشركة، لكن بعد فترة تحوَّلت رغبة المستهلكين من مجرد امتلاك سيارة فعالة إلى امتلاك سيارة فعالة تعكس مكانة صاحبها الاجتماعية، لم تدرك شركة فورد ذلك التغيير بينما أدركت شركات أخرى، ومن ضمنها شركة جنرال موتورز التي اهتمَّت بالتصميم الخارجي للسيارة مع ابتكار موديلات جديدة سنويًّا، ما أدَّى إلى خسارة شركة فورد حتى اقتربت من حد الإفلاس بينما استمتعت شركة جنرال موتورز والشركات التي أدركت هذا التغيير بنصيب مُتزايد في السوق.
لا يعني المثال السابق أن التعرُّض لهذا الموقف يعني فقدان الأمل في بناء صناديق جديدة لمجاراة التغيير، بل قد يُعطي هذا الموقف إشارة بوجود تناقض بين الواقع والصناديق الحالية، ما يحتِّم ضرورة السعي بسرعة لبناء صناديق جديدة لمجاراة هذا التغيير بدلًا من تقبُّل الخسارة، ولكن يُمكن أيضًا تجنُّب الخسارة بالشك في الصناديق باستمرار، والتفاعل مع العملاء، ومراقبة التغييرات التي تحدث داخل المؤسسة (القطاع، أو في العالم الخارجي)، وقد نُدرك حينها رغبات للعملاء لم تُستوفَ بعد، ما يعني فرصة جديدة.
الفكرة من كتاب التفكير في صناديق جديدة: نموذج فكري جديد للإبداع في عالم الأعمال
“عدد ألوان قوس قُزح سبعة”.. هذه المعلومة التي درسناها في المدرسة حيث ترى العين بالفعل سبعة ألوان فقط، هي معلومة غير صحيحة، فقوس قُزح طيف مستمر من الألوان، ولكن لتواجه عقولنا مثل هذا التعقيد، تقوم بتبسيط المعلومات وتضعها في قالب ذهني، هو المسؤول عن استيعاب وتخزين المعلومات لاستخدامها في مواقف مماثلة من أجل التكيُّف مع الواقع، وسنسمِّي هذا القالب “الصندوق”.
ولأن عالمنا مُعقَّد، ونواجه العديد من المعلومات يقوم العقل بتصنيفها ووضعها في عدَّة قوالب أو صناديق، فتوجد صناديق خاصة بالعناصر المتشابهة مثل أسماء شركات الإلكترونيات مثلًا، صناديق خاصة بالأحكام كالتي نطلقها على الأشخاص والمواقف، وصناديق فكرية تحمل مصطلحات وأفكارًا عن الديمقراطية والحرية، وهناك أنواع أخرى من الصناديق، لذا يُنكر مؤلفو الكتاب نموذج “التفكير خارج الصندوق” كوسيلة للإبداع، فأي صناديق سنفكِّر بخارجها، وكيف سنخرج منها، وعند الخروج منها سنحتاج إلى صناديق جديدة.
لذا تم تأسيس هذا النموذج الجديد، وهو التفكير في صناديق جديدة، والذي يقدِّمه هذا الكتاب.
مؤلف كتاب التفكير في صناديق جديدة: نموذج فكري جديد للإبداع في عالم الأعمال
لوك دي براباندير: مستشار في مكتب باريس لمجموعة بوسطن الاستشارية، ووُلد في مدينة غنت ببلجيكا عام 1948، وقد حصل على شهادة البكالوريوس في الرياضيات التطبيقية عام 1971 من جامعة لوفان الكاثوليكية، وعلى درجة الدكتوراه في الفلسفة من نفس الجامعة عام 2002، وقد قدم ندوات عن الإبداع وبناء السيناريوهات وتقنيات الرؤية الاستراتيجية المطبَّقة على الأعمال، إضافةً إلى أنه ألَّف وشارك في تأليف حوالي تسعة كتب، من بينها:
The Forgotten Half of Change: Achieving Greater Creativity Through Changes in Perception
Platon vs. Aristote. Une initiation joyeuse à la controverse philosophique
ألان إني: أخصائي أول في مجال الإبداع والسيناريوهات في مجموعة بوسطن الاستشارية، وحاصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات من جامعة مكغيل عام 1999، وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية كولومبيا للأعمال، وقد قام بتدريب آلاف المديرين التنفيذيين والمستشارين في مجموعة بوسطن، ويقود مجموعة واسعة من ورش العمل في كل مجالات الصناعة، ويتحدَّث حول العالم عن التوصُّل إلى المنتجات والخدمات والأفكار وتطوير الرؤية الاستراتيجية الجديدة.