أثر القرآن وعلاقته بحقيقة التفلسف عند العرب
أثر القرآن وعلاقته بحقيقة التفلسف عند العرب
يعد القرآن الكريم هو أول كتاب سماوي فرض على أهله تعلم الفلسفة، وفرض عليهم البحث في أسرار الكون وخفايا الوجود ليصلوا من هذا التفكير إلى حقيقة المبدع الأول والإيمان به، ودعوة للتفلسف حول معتنقيها إلى التأمل في نشأة العالم ومصيره، وفي عظمة الكون ونظام تسييره، وأنه لا يمكن إنكار قانون العلة والمعلول، وللمعلولات علل ناشئة عنها ومترتِّبة عليها، ويدور الإنسان بعدها من التفكر في الكون إلى التفكر في الإنسان والنفس وما اشتملت عليه من خفايا وأسرار، قال تعالى: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾.
وثب العرب وثبتين هائلتين، إحداهما كانت بسبب إشعاع القرآن الكريم في جنباتها فأنار الظلمة وهداهم بعد حيرة، والأخرى كانت بعد نقل الحكمة الهندية والمعارف اليونانية والثقافة الفارسية، ولم يخص هذا الأثر الفلسفي طائفة من العرب دون طائفة، بل شمل جميع الطوائف على مختلف نواحيها وتباين نزعاتها، وبفضل هذه الترجمة عرف العرب مبدأ الحياة الفلسفية عند هذه الأمم، وتتبَّعوا أطوار تفكيرهم ومذاهبهم فكان لهذا التاريخ المرتَّب بعضه على بعض أثر بعيد الغور في العقلية العربية.
الفكرة من كتاب الإسلام والفلسفة
الفكر الفلسفي هو فكر امتدادي على مر العصور، لا يمكن القول إنه طفرة ظهرت في قوم واندثرت عند آخرين، لكن الأمر منذ بدايته عند العرب كان مقتصرًا على تحصيل المعاش، وجلب القوت، لم تشغله التساؤلات حول حقيقة الكون وأسراره، الأمر لم يكن لسبب ضيق الأفق أو عجزهم الفكري، وإنما في حقيقة الأمر هو انشغال فقط وحتى أخلاقهم كانت غليظة وقاسية كلها حياة بربرية، ودياناتهم كلها وثنية ساذجة جافة لا روح فيها ولا حياة، حتى العبادة فيها ليس لها نسق وهو أمر لا يستسيغه عقل ولا يؤيده منطق أو ذوق سليم.
مؤلف كتاب الإسلام والفلسفة
الدكتور محمد غلاب أستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر المولود في أوائل القرن العشرين، واسع الاطلاع في جميع الفنون بصيرًا كل البصر –على الرغم مما لحق ببصره من علة– متقنًا لعلوم الأزهر التراثية، له مؤلفات عدة منها: “الفلسفة الشرقية”، و”الفلسفة الإغريقية” (جزآن)، و”مشكلة الألوهية”، و”فلسفة الإسلام في الغرب”، و”المذاهب الفلسفية العظمى في العصور الحديثة”، و”الفلسفة المسيحية في الشرق والغرب”، كما ترجم كتاب “الفلسفة التجريبية وتيارات الفكر الفلسفي الفرنسي وتاريخ الفلسفة” لإيميل بُرهيمة.