وإنك لعلى خلق عظيم
وإنك لعلى خلق عظيم
لم يرسله الله إلا رحمة للعالمين إنسِهم وجنِّهم، فوهبه من كمال الخُلق والخِلقة ما يبهر عقول أحبائه وأعدائه ويُسلمهم للانتماء تحت لوائه، فكان (صلى الله عليه وسلم) بسَّامًا يتصرَّف بحال وطبيعة وسجيَّة البشر العاديين لا بحال من يوحى إليه وحيٌ من السماء ويكلمه ملك من الملائكة، فهذا جرير بن عبد الله البجلي يقول: “ما رآني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منذ أسلمت إلا تبسَّم في وجهي”، فما قيمة قادات ورؤساء اليوم أمام قامة هذا القائد الشريف!
كان يتحدث الصحابة من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وربما تذاكروا أمورًا كانوا يفعلونها في الجاهلية فيضحكون عليها فماذا يفعل النبي (صلى الله عليه وسلم)؟ هل يؤنبِّهم أو يسكتهم أو ينظر إليهم باحتقار؟ حاشاه (صلى الله عليه وسلم)، وإنما كانوا يضحكون وكان يبتسم هو (صلوات ربي وسلامه عليه)! وكان يقول (صلى الله عليه وسلم): “إنكم لن تسَعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق”.
وظل يبتسم (صلى الله عليه وسلم) حتى في أحلك الظروف، بل في مرض موته الأخير فكانت ابتسامته آخر ما رآه المسلمون منه (صلى الله عليه وسلم)، يقول أنس (رضي الله عنه): بينما المسلمون في صلاة الفجر من يوم الإثنين وأبو بكر يصلي بهم، لم يفجأهم إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد كشف ستر حجرة عائشة (رضي الله عنها) فنظر إليهم وهم في صفوف ثم تبسم!
يقول أنس بن مالك (رضي الله عنه): “لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء”، أضاءها بابتسامته، وبالخلق الذي جاء ليكمله، وبالتوحيد الذي جاء ليقره وينشره على العالمين حتى تقوم الساعة.
كيف استطاع أن يحول الابتسامة إلى جزء لا يتجزَّأ من سيرته الذاتية (صلى الله عليه وسلم) وإلى إنجاز من إنجازاته في الحياة!
الفكرة من كتاب الرجل النبيل.. محمد رسول الله
“هذه الحياة السوداء لا تليق بمحمد مهما حاول أن يمسح شيئًا من السواد عن لوحتها الكبيرة، إن الأصباغ القاتمة تراكمت بطيش حتى بات من العسير إضافة لون أبيض أو معنى جميل، لذلك فقد حُبِّب لهذا الشاب أن يترك الجاهلية وراء ظهره ويذهب كلما سنحت له الفرصة إلى تلك الجبال البعيدة التي يسمعها تهمس بأشياء تدركها روحه ولا يتحقَّقها عقله كأنما تريد أن تقول له شيئًا مهمًّا للغاية، وكأنها تريد أن تُفصح له عن ماهيته التي ما زال حتى اللحظة لا يدركها”.
جوانب متفرقة متنوعة متكاملة من حياة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) يجمعها الكاتب ويصوغها بأسلوب يرقِّق القلب ويدمع العين حتى إنك تود أنه في نهاية الكتاب لم ينتهِ من تعطيرك بسيرة الحبيب ولو أنه أطال قليلًا.
ستخرج بعد هذا الكتاب وهذه المواقف المتنوعة متعطشًا للتعلم والتعرف على سيرة أعظم البشر (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب الرجل النبيل.. محمد رسول الله
علي بن يحيى بن جابر الفيفي: كاتب ومحاضر في قسم الشريعة واللغة العربية في كلية البرامج المشتركة بالمحالة بالسعودية، حاصل على بكالوريوس في تخصص الدعوة، هذا إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصص الدعوة والاحتساب، وله العديد من الأبحاث العلمية المتميزة.
ومن أبرز مؤلفاته:
لأنك الله.
سوار أمي.
يوسفيات.