هيوم وفتجنشتين وتشومسكي

هيوم وفتجنشتين وتشومسكي
ومن أكبر المؤثرين في التحليلية قديمًا زعيم الاتجاه الشكي الارتيابي ديفيد هيوم، الذي فتح الباب أمام الوضعية المادية المنطقية انطلاقًا من التجربة والخبرة والمنطق بإنكاره ضرورة ارتباط السبب بالمسبب، وتميز تحليل ديفيد هيوم بعدة سمات منها: التأكيد على الاتجاه العلمي ووحدة العلم، والتحليل المنطقي للغة، واعتبار وظيفة الفلسفة تحليل العلم والمعرفة عبر تحليل لغة العلم، وأخيرًا الاعتماد على المذهب الوضعي التجريبي في البحث العلمي، وبهذا رفض جميع الأسئلة الغيبية، وظهر الموقف اللا أدري بوصفه موقفًا محايدًا بين الإلحاد والإيمان.

حصر عمل هيوم المعرفة كلية في حدود الحس البشري، ودافع عن أهمية العقل في العلوم الطبيعية والرياضات، مع الاحتفاظ بقناعة عدم امتلاك الأدوات الصحيحة للمعرفة اليقينية.
بينما حاول الفيلسوف فتجنشتين الجمع والتوفيق بين راسل ومور، وتقديم حلول محددة واقعية للمشكلات عبر الرياضيات والمنطق، مع رؤيته للغة على أنها صورة للعالم، وأن حدودها هي حدود العالم الممكن لنا اكتشافه والتعبير عنه، وبهذا وصل إلى إنكار الميتافيزيقا.
وصل التحليل بعد فتجنشتين إلى أزمة كبيرة، فظلت اللغة حبيسة سياقاتها وأهدافها الخاصة، وعمت رغبة بأن يجد الفلاسفة أي حل في الأفق لإكمال حل مشكلاتها بأي وسيلة ممكنة، إلى أن وصل عالم اللسانيات الأمريكي نعوم تشومسكي، محدثًا ثورة في علوم اللغة والتحليل، فرسم حدود عمل جديدة في اللغة، ونقلها من اكتفائها بالوصف إلى صياغة نظرية واختبارها بتقديمها للتفسيرات، واستنتج وجود استعدادات لغوية فطرية لدى الفرد سماها الكليات، تنشئ له قدرته على ممارسة اللغة.
الفكرة من كتاب مقدمة في الفلسفة المعاصرة
لطالما تم اعتبار الفلسفة شيئًا معقدًا لا غاية له، وأن الفلاسفة أناس لا هموم لهم، ينعزلون عن حياة المجتمع في برج عاجي ليتفرغوا للتنظير والتفكير في قضايا لا يهتم بها أحد سواهم، ولكن كلا الفكرتين نتاج سوء فهم كبير لطبيعة الفلسفة، فهي كأي علم له مصطلحاته الخاصة ويجب بذل جهد لدراسة مسائله التي يعتني بها، والنظر القاصر للفلاسفة إنما هو بسبب عزلهم عن محيطهم الاجتماعي والتاريخي، فالفيلسوف الحقيقي يعبر عن المشكلات التي تتصدر في عصره.
ولأن الفلسفة ظهرت مع ظهور الإنسان، فمن الصعب الإحاطة بكل تاريخها ومدارسها، ولكن سنكتفي بأن نعرض المدارس المعاصرة في الفلسفة، التي لها التأثير الأكبر في واقعنا، وهي بالترتيب: البراجماتية ثم الوجودية ثم البنيوية ثم التحليلية.
مؤلف كتاب مقدمة في الفلسفة المعاصرة
محمد مهران رشوان: دكتور مصري الجنسية ولد في عام 1939م بمحافظة سوهاج، حصل على ليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة وظهر نبوغه، ثم حصل على درجة الماجستير في الدراسات المنطقية تحت إشراف الدكتور زكي نجيب محمود، ثم حصل على الدكتوراه عام 1974 م.
تعددت رحلاته الدراسية بين باريس ولندن والقاهرة وحتى الإمارات، وتدرج في الوظائف الجامعية حتى رأس قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، ثم شغل منصب عميد كلية آداب بني سويف حتى عام 2005م.
له العديد من الإسهامات الفلسفية المهمة، أشهرها “مدخل إلى المنطق الصوري” و”مبادئ التفكير المنطقي” و “فلسفة برتراند راسل”.
محمد مدين: دكتور في كلية الآداب جامعة القاهرة، له مؤلفات مهمة في الفلسفة مثل: “الفلسفة الأمريكية المعاصرة” و”فلسفة هيوم الأخلاقية”.