نوع آخر من مضادَّات الاكتئاب
نوع آخر من مضادَّات الاكتئاب
شركات صناعة الأدوية هي القوى الكبرى التي تفرض خياراتها على الطب النفسي، وهي تريدنا بلا شكّ أن ننظر إلى أوجاعنا النفسية على أنها ليست سوى اضطرابات كيميائية لا يتم علاجها سوى بالأدوية الكيميائية، ونتيجة ذلك هو تحوُّلنا كثقافة إلى فهم معاناتنا بطريقة مشوَّهة، وهنا يأتي دور النوع الآخر من مضادَّات الاكتئاب، وهو “إعادة التواصل”، فنحن نحتاج إلى توسيع فهمنا لمضادَّات الكآبة، ومعرفة أن انقطاع التواصل بين الناس هو السبب الرئيس لإصابتنا بالقلق والاكتئاب، والدليل على ذلك ما حدث في أحد المجمَّعات السكنية في برلين، إذ زادت إيجارات الشقق بشكل كبير وعجز السكان عن دفعها، ولكن لم يشكُ أحد، فلم يكن السكان يعرف بعضهم بعضًا من الأساس، وهنا قامت عجوز تعيش بإحدى الشقق بوضع إعلان تقول فيه إنها قرَّرت الانتحار لعجزها عن سداد إيجار شقتها، وهذا قد دفع كل من رأى تلك الكلمات أن يحاول الاطمئنان على تلك العجوز لأنها ليست الوحيدة التي تعاني جراء ذلك.
ومع بدء التواصل بدأ التغير الأكبر في حياة تلك العجوز وحياة المجمع السكني بأكمله، فقد تكاتف الجميع ونظَّموا مظاهرات للمطالبة بتقليل الإيجار وتحوَّل المجمع من شقق سكانها لا يعرف بعضهم بعضًا إلى أناس أكثر تعاونًا واتصالًا يساعد بعضهم بعضًا ويطمئن كلٌّ منهم على الآخرين بشكل دائم، إلى أن تحقَّق مرادهم وتم خفض الإيجار، ولكن العائد على أولئك السكان كان أكبر من ذلك، فقد تخلَّصوا ولأول مرة من كآبتهم وعزلتهم، ولم يكن ليحصل ذلك إلا عن طريق تحطيم قيود انقطاع التواصل.
وتشير تلك الحادثة على أننا لو استعدنا النظر إلى فرحنا وبؤسنا من حيث أنها أمور نشترك بها مع الجميع فإننا سنشعر بالفرق، وإذا أردت التخلُّص من الاكتئاب توقَّف عن التفكير في هاجس الفردية، وكن جزءًا من الجماعة، فهي الطريق الحقيقي للسعادة، ويمكنك إعادة تواصلك مع الآخرين عن طريق عمل له أهمية معنوية، ويتحقَّق ذلك عن طريق تطبيق النظام الديمقراطي في العمل بحيث يكون أصحاب الشركة هم الموظفين بها والمسؤولين عن اتخاذ كل القرارات بالتشاور فيما بينهم، ويكون العمل مدمرًا عندما تشعر بالخضوع للسيطرة، وتشعر أنك جزء صغير وتافه من العمل، وتشعر أنك مهما اجتهدت فلن يلاحظ أحد عملك، وعند تفادي الوقوع في تلك المشاكل يصبح عملك ذا هدف معنوي، وبالتالي تبدأ في الخروج من جزيرة عزلتك وكآبتك وتتواصل مع الآخرين.
الفكرة من كتاب إخفاق التواصل.. كشف الأسباب الحقيقية للاكتئاب وكيف نجد الأمل
يُصاب أغلبنا بالاكتئاب، ونتيجة لذلك نهرع للذهاب إلى العيادات النفسية لكي نتخلَّص من تلك الحالة السلبية التي تُعكِّر صفو حياتنا، كما كثُرت الأقاويل حول كون الاكتئاب خللًا في النواقل الكيميائية في الدماغ، ولا بد من أخذ أدوية ومضادَّات للاكتئاب كي تستعيد حياتك الطبيعية، ولكن هل توقَّف أحدكم لوهلة للبحث في أسباب إصابته بالاكتئاب؟ وهل تأكد من أن حالته بالفعل تستلزم تناول مثل تلك الأدوية؟
منذ زمنٍ طويل ونحن يتم دفعنا بأسلوب منهجي إلى الأخذ بمعلومات غير دقيقة حول حقيقة الاكتئاب والقلق النفسي، ولذا جاء إليك هذا الكتاب ليساعدك على اكتشاف الأسباب الحقيقية التي تدفعنا إلى الوقوع في حالات الاكتئاب والقلق النفسي الشديد، واكتشاف السبل المؤدية إلى التخلُّص منهما، فقد عانى كاتبنا من الاكتئاب طوال حياته، بل وظل يتناول أدوية الاكتئاب لثلاثة عشر عامًا، ومع ذلك لم يتخلَّص منه، فهيا بنا لننطلق في رحلة جديدة ممتعة ستكون أنت فيها قائد نفسك لتُحدِّد الصواب من الخطأ.
مؤلف كتاب إخفاق التواصل.. كشف الأسباب الحقيقية للاكتئاب وكيف نجد الأمل
يوهان هاري: صحفي وكاتب بريطاني سويسري، كتب للعديد من الجرائد والصحف العالمية مثل: “نيويورك تايمز” و”لوس أنجلوس تايمز”، ويتحدَّث بصورة منتظمة في أشهر البرامج الحوارية، كما حصل على العديد من الجوائز مثل: “صحافي الجريدة لمدة عامين من منظمة Amnesty”، ولديه العديد من الكتب التي تدور حول موضوعات الاكتئاب، والحرب على المخدرات، والنظام الملكي، وقدم أيضًا العديد من المحادثات حول مواضيع الإدمان، والاكتئاب والقلق على منصة TED.
ومن أبرز أعماله:
God Save the Queen?
Chasing the Scream.
Stolen Focus.
معلومات عن المترجمة:
آمال الحلبي: مترجمة قامت بترجمة عمل آخر، إضافةً إلى هذا الكتاب بعنوان “حدِّثهم عن المعارك وعن الملوك وعن الفيلة”.