نظرة أعمق على عالم النفس الشرعي
نظرة أعمق على عالم النفس الشرعي
تكمن مقتضيات الدور الذي يمارسه عالم النفس الشرعي في دوره التشخيصي المعني بالتعامل مع المرضى، من مهارات المناقشة، والقدرة على توفير الأمن من المخاطر والهجمات غير المتوقعة، كما يهتم باستخدام وسائل القياس النفسي السليمة، مثل: الاختبارات النفسية التي تقيس القدرات العقلية ومستوى التحصيل الدراسي، وكذلك الانبساط النفسي وإمكانية التأقلم..
ويذكر الكتاب عدة أمثلة لبعض الحوادث في عالم علم النفس الشرعي، مثل إلقاء التهمة على بعض الأشخاص نتيجة رأي عالم النفس الشرعي، فيتضح فيما بعد أن المتهم بريء من الإدانة، وعليه فإن بعض آراء علماء النفس الشرعي تخضع للجدل، ومن مسببات الجدل أيضًا الاعتماد على أوصاف المجرم التي يتم تجميعها بهدف القبض عليه.
فالحقيقة أنه لا بأس من الشك في حكم عالم النفس الشرعي، لأن التاريخ يقرِّر حدوث هذا، كما أن البعض يتخذ حيلًا لتبرئة المتهمين، من خلال الإشارة إلى أن سمات الشخصية المتهم تختلف عن شخصية الفاعل الحقيقي، ولحسن الحظ تفشل هذه المحاولات عادةً عند الاستئناف، فالواقع أن هناك لم يكن العنف صفة شخصية لهم، ومع ذلك ارتكبوا جرائم عنيفة.
والجدير بالذكر أن تعدُّد مقاييس الأداء النفسي لا يغني عن توحيدها وجعلها القاسم المشترك بين المختصين، وفي ذلك مدعاة لتسهيل تفسير النتائج ومقارنتها وتقييمها، وربطها بقضايا أخرى بغية الوصول إلى استنتاجات أعمق، ويعد هذا الطرح تحديًا كبيرًا أمام علم النفس الشرعي بسبب التباين الكبير بين الخيارات، ولا بد من الأخذ في الاعتبار عدة اعتبارات في حالة تعميم المعايير.
وتاريخ علم النفس الشرعي يشهد وجود أمثلة بارزة متنوِّعة لعلماء نفس شرعيين تمتَّعوا بقدر مرتفع من الجسارة في ممارسة دورهم، ما مكَّنهم من التعامل مع المساجين بذكاء، ليصلوا إلى مرادهم، وذلك لأنهم يضعون وزنًا لاعتبارت عدة قد يلقي البعض لها بالًا، مثل الاعتبارات الشخصية لحياة الجرمين، والنظر إلى كل حالة بصورة فردية، فلا تزر وازرة وزر أخرى.
الفكرة من كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
للجريمة وجود عنيد في المجتمع على مر التاريخ، وهذا الكتاب يسلِّط الضوء على بعض المساحات المعتمة في ساحات الجريمة انطلاقًا من علم النفس الشرعي، بدايةً من الدوافع وانتهاءً بإصلاح هؤلاء المجرمين، كما يتعرَّض لطرق أخذ الاعترافات بسلمية من المتهمين، ولعلَّك تلاحظ أن البعض قد يحصر علم النفس الشرعي في تحديد أوصاف الجناة فقط.
ولكن حقيقة هذا العلم هو أنه العلم المنوط به فهم المبادئ القانونية وإدراك الاعتبارات القضائية؛ من أجل الوقوف على أسباب الجريمة والوصول إلى مرتكبيها، والمؤلف يتناول في هذا الكتاب عدة قضايا مهمة ومنوَّعة، من التحدِّيات التي تقف أمام هذا العلم، إلى نظرة أعمق في فهم نفسية ودوافع المجرمين، كما يتناول الدور الذي يلعبه علم النفس الشرعي في المحكمة.
والذي يشتمل على كثير من المواقف الشائكة، مثل: معايير تحديد إصابة أحدهم بالجنون، أو الوقوف على حقيقة ادعائه، كما أن الكاتب مهتم بتوضيح المصطلحات والمفارقات، وإشكاليات هذا العلم الذي يتقاطع بطبيعة الحال مع عدد من العلوم الأخرى، والكاتب يشير إلى أن علم النفس الشرعي لم يدخل إلى الساحات القضائية مرة واحدة.
وإنما كانوا يلجؤون إليه بغية التصنيف الطبي للجناة وأفعالهم، كما يطرح الكاتب عددًا من الأسئلة والقضايا المحيرة، مثل: هل الممارسات الإجرامية في حالة المرض العقلي هي رد فعل، أم أنها نتيجة مباشرة للمرض؟ على أن الجيد في الأمر أن هذا العلم يجذب إلى أصحاب الكفاءات، كما أن تطوُّره ينعكس على علم النفس المهني بصورة مباشرة.
مؤلف كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
ديفيد كانتر : طبيب نفساني، عمل أستاذًا لعلم النفس في جامعة ساري لمدة عشر سنوات، وقد أدار مركز الأبحاث الدولي في هذا المجال في جامعة هيدرسفيلد، والكاتب مهتم بعدة مجالات؛ منها: علم النفس البيئي، والجريمة، والطب الشرعي، وعلم النفس الاستقصائي.
وللكاتب عدد من المؤلفات في علم النفس الشرعي، وكذلك علم نفس المعمار، والذي يختصُّ بدراسة التفاعل بين البشر والمباني، كما أن الكاتب يقدم العديد من الاستشارات بشأن تصميم المدارس والسجون وغيرها من المباني، ومن مؤلفاته: “The Study of Meaning in Architecture” و”Psychology in Action”.
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: تخرَّج في كلية الآداب والتربية عام 2006، عمل بالترجمة والتحرير باللغة الإنجليزية، كما شارك في مؤسسة هنداوي كمترجم أول، ومراجع للعديد من الكتب والمقالات والمدوَّنات المترجمة.
وله عدة أعمال، منها: “خمس دقائق مفيدة في المساء”، و”مأساة من ثلاثة فصول”.