ميكانيكا الكم والتوزيع الدوري الحديث
ميكانيكا الكم والتوزيع الدوري الحديث
شهدت بداية القرن العشرين تطوُّرًا ملحوظًا لنظرية الكم التي فتحت الباب واسعًا أمام الفيزيائيين والكيميائيين لفهم العديد من الظواهر الطبيعية، وكان أشهر من أفاد منها هو العالم الدنماركي “نيلز بور” عندما طبقها على نموذج ذرة “الهيدروجين” عام 1913م، حيث افترض أنها تتكون من نواة مركزية يحيط بها إلكترون وحيد، وتوصل إلى أن الإلكترون من الممكن أن يوجد في أي عدد من الأغلفة أو المدارات حول النواة، وأن اكتساب الإلكترون للطاقة بكميات محددة يؤدي إلى انتقاله إلى مستوى آخر، ويكون ذلك مصاحبًا بإطلاق طيف متقطِّع.
ثم عمم “بور” هذا النموذج على باقي العناصر، محاولًا التوصُّل إلى الطريقة التي يتم بها ترتيب الإلكترونات حول النواة، واعتمد في هذا الترتيب على الخصائص الكيميائية المعروفة مثل أن عنصر “البورون” يمكنه تكوين ثلاثة روابط، وبالتالي يملك ثلاثة إلكترونات في غِلافه الخارجي، وبهذا وبرغم بعض الانتقادات التي وُجِّهَت إلى “بور”، فإنه لأول مرة يقدم عالمٌ تفسيرًا معتمدًا على الإلكترونات حول سبب وجود مجموعة من العناصر في مجموعة واحدة؛ وذلك لاشتراكها في عدد الإلكترونات في أغلفتها الخارجية.
لقد أسهمت تجارب “بور” -إضافةً إلى جهود عدد من العلماء- في فهم الطريقة التي يتم بها ملء الأغلفة السبعة حول النواة بالإلكترونات، وفي اكتشاف مستويات الطاقة الفرعية الأربعة، ومن ثَمَّ أدى إلى فهم أفضل للطبيعة الدورية للعناصر وسلوكها في التفاعلات الكيميائية.
الآن يوجد في الجدول الدوري 118 عنصرًا، منها 92 في الطبيعة أثقلها “اليورانيوم”، ونحو 26 عنصرًا استطاع العلماء عزلها معمليًّا عن طريق العديد من التقنيات مثل التصادم بين أنوية ذرات ثقيلة لتكوين نواة أكبر وأثقل، وكان أوَّل من أجرى تجارب التخليق هو العالم “رذرفورد” عام 1919م، ولم تتوقف محاولات تخليق العناصر حتى اليوم، ومن وقت لآخر تثير بعض العناصر المكتشفة حديثًا الشكوك حول إمكانية استيعاب المنظومة الدورية لها، إلا أنه بالمزيد من التدقيق في سلوك العناصر يظهر أنه وفي النهاية يجب أن تخضع للمنظومة الدورية الثابتة منذ نحو قرن ونصف القرن.
الفكرة من كتاب الجدول الدوري: مقدمة قصيرة جدًّا
يعدُّ “بمنزلة حجر رشيد الطبيعة”، ومن أهم الأدوات التي تم اكتشافها في تاريخ علم الكيمياء، حيث ينسب إليه الفضل في التوصل إلى كيفية ترتيب العناصر الكيميائية بطريقة سلسة غير معقدة، تسهل من عملية فهم تفاعلاتها المختلفة؛ إنه الجدول الدوري.
وفي هذا الكتاب، يستعرض العالم الكيميائي إريك شيري جهود مئات العلماء التي أسهمت في تطوير الجدول الدوري، طارحًا أفكارًا جوهرية تتعلَّق بالنظرية الذرية وميكانيكا الكم وأثرهما في التوصل إلى فهم أفضل للعناصر وطبيعتها الدورية.
مؤلف كتاب الجدول الدوري: مقدمة قصيرة جدًّا
إريك شيري Eric Scerri: كيميائي وكاتب وفيلسوف علوم، ومحاضر في جامعة كاليفورنيا، ورئيس تحرير مجلة “أساسيات الكيمياء” المختصة بالكيمياء وتاريخ العلوم.
ألَّف العديد من الكتب، أبرزها:
A Tale of Seven Elements
Selected Papers on the Periodic Table
The Periodic Table: Its Story and Its Significance
A Tale of Seven Scientists and a New Philosophy of Science
معلومات عن المترجم
الدكتور محمد عبد الرحمن إسماعيل، طبيب ومترجم مصري، مشتغل بالطب والترجمة العلمية، وله العديد من الكتب المترجمة مثل: “الثورة العلمية” و”الجزيئات”.