من البراغماتية والوجودية إلى ما بعد الحداثة
من البراغماتية والوجودية إلى ما بعد الحداثة
مع بداية القرن العشرين بدأت أمريكا تسطع في سماء الفلسفة الغربية بعد خفوت أوروبا، فظهرت البراغماتية كفلسفة أمريكية تركز على نتائج الأعمال وعواقبها ومنفعتها المادية لا على كنهها ومصادرها، وتعد العقل أداة لتطوير الحياة لا للمعرفة، وقد نشأت في نهاية عام 1878م ويعتبر مؤسسها هو تشارلز ساندرز بيرس، وأهم أعلامها ويليام جيمس (1842-1910).
وفي نفس الوقت كان التيار الوجودي بدأ يبرز، ويعد الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه (1844-1910) ملهم التيار الوجودي وما بعد الحداثة، أُطلِق عليه في طفولته “القسيس الصغير”، إلا أنه انقلب لاحقًا على الحياة الدينية واعتبر الإيمان بالإله تحقيرًا للحياة وهروبًا من مسؤوليات الإنسان الذي يراه الإنسان الأعلى أو السوبرمان، وأعلن موت الإله! واختلفت آراء الفلاسفة الذين جاؤوا بعده في تفسير آرائه.
وينقسم تيار الوجودية إلى قسمين هما الوجودية المؤمنة التي يمثلها كيركجارد الذي يُنسب إليه الفكر الوجودي، والوجودية الإلحادية التي يمثلها سارتر (1905-1980)، وهو فيلسوف وكاتب وسياسي فرنسي، والإنسان عنده عليه أن يخلق طبيعته وجوهره ويرفض الطبيعة الفطرية لأنه حر الإرادة، وقد أثرت كتاباته في الأدب منذ الأربعينيات إلى يومنا هذا، وعاب الفلاسفة على الاتجاه الوجودي أنه لم يقدم أية حجج منطقية لتفسيرهم طبيعة الإنسان الوجودية، فهي عند النقاد شعارات أدبية متفائلة يحاول بها الإنسان الخروج من واقعه المؤلم المدمَّر إثر الحربين العالميتين.
مهَّد كل ذلك لبداية عصر ما بعد الحداثة في النصف الثاني من القرن العشرين، والذي شهد تشكيكًا في وجود الذات وفي الحقائق الموضوعية وفي قدرة اللغة والدلالات اللفظية على الإشارة إلى العالم أو نقل المعاني المقصودة، وشهد سيولة معرفية كبيرة، فباتت الثوابت والمنطلقات الصلبة من شعارات التخلف، وأصبح النفع المادي فيه هو سيد القرار، مما أثر في نواحي الحياة المختلفة من سياسة وفن وأخلاق عامة.
الفكرة من كتاب حكاية الفلسفة الغربية
يأخذنا هذا الكتاب في رحلة مع تاريخ الفلسفة الغربية بمحطاته المختلفة، لنكوِّن رؤيةً عامة نُشخِّص بها مشكلات إنسان الحاضر، ونفهم كيف وصل العالم إلى ما هو عليه اليوم، لمجابهة الثقافة المسيطرة وغرس بذور الحل.
مؤلف كتاب حكاية الفلسفة الغربية
المؤلفون هم مجموعة من الباحثين بمركز “بالعقل نبدأ” للدراسات والأبحاث، وهو مركز للتنمية الفكرية والمهارية، يهدف إلى بناء مجتمع متكامِل متقدم من خلال إحياء هويتنا المستمدة من تراثنا وحضارتنا الأصيلة والمستوعبة للعلوم الحديثة، وفق أسس منهجية تجمع بين العقل والنص الديني والتجربة العلمية، لمواجهة انتشار الثقافة المادية وما صاحبها من انهزام حضاري، وذلك عن طريق أنشطة مختلفة كعقد الندوات والتوعية الإلكترونية وطرح إصدارات من كتب ومقالات وأبحاث.
من كتب المركز: قواعد التفكير المنطقي والتنوير الحضاري: طرح سائد ورؤية متجددة وقبل الانهيار.