مساحة الرياضات
![](https://a5dr-wp.fra1.cdn.digitaloceanspaces.com/bookidea/xuvaX6TF-صورة-Recovered-5.jpg)
مساحة الرياضات
قديمًا كانت تُمارَس رياضة الصيد في مساحات شاسعة، ومع تقدُّم الزمان أصبحت تحتل الرياضات الدموية أماكن محدَّدة ومخصَّصة لها، ثم تطوَّرت أكثر في عصر الرياضات الجماهيرية إلى نوعين من البنية المعمارية، وهما الشكل الدائري الكلاسيكي مثل ملعب كرة القدم وشكل الحلبة المتعدِّدة مثل الملاكمة والتنس، ويتم التركيز على رقعة اللعب وغلقها بسياج والفصل بين المساحة الداخلية التي يقع فيها اللعب الفعلي والمساحة الخارجية، والتي تضمُّ المدرَّجات ومرافق الملعب.
![](https://sp-ao.shortpixel.ai/client/to_auto,q_glossy,ret_img/http://a5dr.com/bookidea/wp-content/uploads/2021/02/old-min-1.jpg)
وبهذه الطريقة يتم الفصل بين المشاهدين والمتفرجين تنظيمًا للصخب وتحصيلًا للرسوم، بينما يتابع المشاهد المباراة من بيت فإن المتفرِّج يتفاعل معها من الملعب الذي يمنحه الشكل الدائري القدرة على زيادة أعداد الحضور إلى الحد الأقصى، مشدِّدًا على أهمية الانعزال والانطواء كقيم مركزية له، في حين أن أرض الملعب الداخلية هي المساحة المباشرة للعب، وتتحدَّد قرارات اللعبة بناء على الخطوط والحدود المرسومة على أرض الملعب كإطارات حاكمة لبعض القوانين.
قبل بداية المباراة تفرض قيمة التنظيم نفسها في توزيع الاتجاهات التي يتم تبديلها في الرياضات الجماعية بين الأشواط للتأكُّد أن الطرفين تعرَّضا لنفس الظروف على مدار وقت محدَّد تبعًا لمبدأ تكافؤ الفرص، ثم تنتشر فوضى التحرُّكات بعد انطلاق صافرة البداية، مصاحبةً تفاعل الجمهور الذي يملأ الفراغ بصوته صانعًا بعدًا رابعًا، يوثِّر في مجريات اللعبة، مضيفًا مزيدًا من حظوظ فريقه في الفوز.
هناك عدة سمات مزدوجة لمساحات اللعب، فهي تزيد التقوقع والانغلاق عبر الشكل الدائري، وفي نفس الوقت يتم نقل المباراة لفضاء المشاهدين عالميًّا، وعلو الجماهير عن مستوى الملعب يضمن الشكل البؤري المعبر عن مركزية الحدث الحاصل، بينما نفق اللاعبين المؤدي إلى الملعب يعتبره البعض تطورًا لممر الحيوانات والمصارعين في أيام الرياضات الدموية.
الفكرة من كتاب فلسفة الرياضة
لو اخترنا النشاط الأبرز والأكثر تأثيرًا في آخر قرنين لكانت الرياضة وبلا أدنى تردُّد، فهي متربِّعة على عرش الممارسات الإنسانية، وتتجاوز الرياضات الحديثة حدود اللهو واللعب العاديين إلى اتخاذها أشكالًا أكثر تنظيمًا وتركيبًا بحيث تخدم أهدافًا اقتصادية وجماهيرية أعرض، ولا تزال التطوُّرات والتعديلات تلقي بظلالها على نوعيها الفردي والجماعي بهدف جعلها أكثر إشباعًا لحاجات الجمهور، فما السبب في تلك الحفاوة الكبيرة، أي ما جوهر الرياضة؟ وما الذي تشترك فيه أنواعها المختلفة؟ وهل لاختلاف أدواتها وقواعدها أسباب فلسفية ما؟
مؤلف كتاب فلسفة الرياضة
ستفين كونور: أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة كامبريدج، أدار سابقًا مركز كونسورتيوم للأبحاث في الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية، وشغل منصب أستاذ الأدب الحديث بكلية بيركبك بجامعة لندن، ويهتم بدراسة التاريخ من جانبه الثقافي المرتبط باللغة والفلسفة، من أهم مؤلفاته: “مادة الهواء: علم وفن ما هو أثيري”، و”الحشرة”، و”كتاب الجلد”.
معلومات عن المترجم:
طارق راشد عليان: باحث ومعد برامج في شبكة قنوات أبوظبي، عمل محررًا ومترجمًا في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، حصل على جائزة الترجمة للشباب في دورتها الثالثة لعام 2015م ، ينشر أعماله في العديد من المجلات مثل: “العربية” و“الثقافة العالمية”.
من أهم أعماله: “التعليم العالي في عصر الإنترنت”، و“عندما يسقط العمالقة”.