ما لا تعرفه عن الولايات المتحدة

ما لا تعرفه عن الولايات المتحدة
مجموعة قليلة جدًّا من محترفي السياسة وكبار رجال المال والأعمال والإعلام تهمُّهم بالدرجة الأولى مصالحهم ثم تأتي مصالح الشعب الأمريكي بعدها، فمن يمثلون؟

إن هذه المجموعة هي “العمُّ سام” الذي يحكم ويقود أمريكا والعالم يعمل حسب منهج خاص وعصب الحياة فيه القوة والمال.
إن الديمقراطية التي يتغنَّى بها السياسيون الأمريكيون هي نوعٌ من تغييب العقول ولكنهم لا يكتفون بذلك، بل يذيعون في كل مكان أنهم قبلة الديمقراطية وحامي حماها الأوحد، فإذا استرجعنا بعض الأقوال من التاريخ الأمريكي سنجد مقولات تدلِّل على عكس ذلك أمثال: “الشعب حيوان كبير” قالها أحد الآباء المؤسسين، “الشعب كالمصاب بعمى الألوان، فكيف تعهد له في اختيار اللون!” هاملتون، “عندما تنتهي الانتخابات تبدأ العبودية” چون أدامز أحد المؤسسين والرئيس الثاني الدولة (1797-1801).
ويتعجَّب الكاتب كل العجب أنه يجد بين المواطنين عددًا كبيرًا من ذوي العقول الراجحة والمواهب، وقليل جدًّا منهم بين رؤساء الحكومة أو في إدارة شؤون الدولة وتجد بمجلس النواب في واشنطن، على سبيل المثال، أدنى طبقات المجتمع، ففي بلاد انتشر فيها التعليم يقال إن نواب الأمة لا يحسنون دائمًا كتابة عبارة صحيحة، حتى أن الرئيس كلينتون قد وضَّح في كتابه “رؤية لتغيير أمريكا” أن الانتخابات قد احتلت المرتبة الأولى عند الحزب الجمهوري، أما الشعب ففي المرتبة الأخيرة، وفي بلاد تتغنَّى بالديمقراطية دائمًا وتندِّد بالديكتاتورية بدأ الملايين من الناس يفقدون إيمانهم بتلك الشعارات الوهمية وأصبح يهددهم الانهيار معنويًّا.
وعلى صعيدٍ آخر يخص حرية الكلمة، في الولايات المتحدة الأمر مختلف بعض الشيء، فمسموح أن يعبِّر أي شخص عن رأيه مهما كان حتى لو كان يخص رئيس الجمهورية نفسه، ولكن المحظور هو التعميم وإطلاق حرية الكلمة والرأي، وتعدِّي مناطق الخطر التي لا يمكن تجاوزها وإذا حدث أن تجاوزَها أحدُهم فمن الممكن أن تكلِّفه مستقبله، فيستطيع مثلًا المؤلف أن يكتب ما شاء دون أن يعبر تلك الحواجز وإذا تعدَّاها يتعرَّض للفضيحة والاضطهاد المستمرَّين ويقضي على حياته السياسية بيده إلى الأبد.
أما عن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة فالحديث يطول، فالتاريخ حافل بمواقفها في توفير حقوق الإنسان ولكن ليس الإنسان بمعناه في ذهنك، فالإنسان الذي تحافظ على حقوقه الولايات المتحدة هنا هو الأمريكي الأبيض، فكمْ من وثائق ودساتير وقوانين كانت تميِّز تمييزًا واضحًا بين الرجل الأبيض من جهة والزنوج والهنود الحُمر من جهة أخرى، ومن أشهر تلك المواثيق وثيقة الحقوق لسنة ١٧٨٩، ويوجد بها فقرة تنص على أن الزنوج والهنود لا يحقُّ لهم الانتخاب، ولكن يُعد الزنجي الواحد بثلاثة أخماس الرجل الأبيض لأغراض تعداد سكان الولاية فقط.
وفي موقف آخر عندما نظرت المحكمة العليا سنة ١٨٥٧ إحدى الدعاوى قال القاضي بوضوح: “إن مبدأ المساواة الذي جاء في إعلان الاستقلال، والذي يشير إلى أن جميع الناس يولدون متساوين، لا يشمل الزنوج، فهم كائنات دُنيا!”. وعلى الرغم من تغير الوضع كثيرًا الآن ومع نيل الزنوج بعض الحقوق، فلا أحد ينكر أن تلك النظرة الدنيا ما زالت مستمرة إلى الآن، ويظهر ذلك في مدارس وكنائس السود، وبهذا تتضح فعلًا المبادئ الحقيقية لحقوق الإنسان التي تنادي بها الولايات المتحدة.
الفكرة من كتاب ماذا يريد العمُّ سام؟!
يتحدث تشومسكي عن الأهداف الرئيسة للسياسة الخارجية الأمريكية، ولا سيما بعد الحرب العالمية الثانية، وكيف أنه في سبيل تحقيقها انتهكت الولايات المتحدة كل ما تنادي به من مبادئ عن ديمقراطية الشعوب وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير، ومن أهم الأدلة على ذلك كوريا وفيتنام.
ويحلِّل تركيبة المجتمع الأمريكي المتعدد الأعراق والأجناس، مع توضيح أن مخططي السياسة الأمريكية هم مجموعة قليلة من محترفي السياسة ورجال المال والأعمال والإعلاميين، ويتطرق إلى شعارات مثل الديمقراطية وحرية الكلمة وحقوق الإنسان بين أفراد الشعب الأمريكي ويبحث عن مدى تطبيقها الفعلي.
مؤلف كتاب ماذا يريد العمُّ سام؟!
نعوم تشومسكي: أستاذ لسانيات وعالم لغويات ومَرجع لكل الجامعات وعالِم بالمنطق ومؤرخ وناقد سياسي، ورغم أنه أمريكي الجنسية فهو أكبر ناقد للسياسات الأمريكية، وكذلك ناقد شديد لإسرائيل ومنتصِر للحقوق الفلسطينية، صُوِّت له كأبرز مثقفي العالم في استطلاع للرأي العام سنة ٢٠٠٥، ألَّف أكثر من مائة كتاب، من أشهرها:
أشياء لن تسمع بها أبدًا.
الدول المارقة.
الحادي عشر من سبتمبر.
الربح مقدمًا على الشعب.