ماهية المثقف

ماهية المثقف
المثقف في اللغة هو “المتفوق في العلم المرشد في الحياة بما يغني عن استعلام الغير”، وهو الذي ينمِّي المعرفة لدى غيره، وفي الفكر الغربي هناك عدة تعريفات تدور حول أن المثقف هو الشخص المفكر المتخصص أو غير المتخصص، الذي يهتم بالشؤون الثقافية وله تأثير في مجتمعه، وكذلك نقل الفكر العربي المعاصر المعنى ذاته لدى الغرب في السياق العربي.

أما عن سمات المثقف، فمنها الصنعة الفكرية، أي أن يكون لديه معرفة ومنهجية علمية يتفوَّق بها على غيره، وإلمام بالحالة الثقافية المعاصرة والتراثية في المجتمع الذي يعيش فيه، ويفترض أن يسهم هذا المثقف في إنتاج معرفة جديدة تؤثر في مجتمعه، وأخيرًا أن يكون مبدعًا، فمن يكثر حفظه ويكرِّر ما يقوله غيره من المتخصصين لا يُعد مثقفًا حقيقيًّا.
كذلك من سمات المثقف التكيُّف الشخصي وفق ما ينتجه، فلا يصح أن تناقض أفعال وسلوكيات المثقف ما يتبنَّاه من مقولات وأطروحات، وإلا سيفقد مصداقيته في بيئته، ويُفترض بالمثقف أن يمتلك رؤية تشتمل على منظومة من المفاهيم التي تجيب عن الأسئلة الكبرى، وتسهم في تفسير الوجود، ولا بدَّ له أن يكون واقعيًّا، لديه تصوُّر سليم للمجتمع والمشكلات التي يواجهها من خلال المعايشة المباشرة والدراسات الكاشفة لواقعه، وأن يسهم بجهد عملي في إصلاح هذا المجتمع، وأخيرًا ينبغي أن يمتلك ملكة نقدية يأنف من تبني المقولات الجاهزة المستوردة من بيئة مغايرة لبيئته.
وعليه فالمثقف المسلم هو الشخص الذي يمتلك كلًّا من: الصنعة الفكرية والسمت الشخصي والرؤية الشمولية في الإصلاح، وأن يكون منطلقًا من الإسلام منهجًا وموضوعًا، ولا ينحصر عمله في الدراسة الشرعية البحتة، بل هناك معارف وتخصُّصات لا بدَّ من الإلمام بها، ويؤكد الكاتب أن هناك من المسلمين من تصدَّى لقضايا الإصلاح الفكرية واهتمَّ بمشكلات المجتمع، ولكن دون أن يتخذ من مبادئ الإسلام وأفكاره مرجعية وإنما من الأفكار الغربية، ولا يعني هذا خروجه من دائرة الإسلام.
الفكرة من كتاب المثقف العربي بين العصرانية والإسلامية
يطرح هذا الكتاب بعدًا نظريًّا وبعدًا واقعيًّا، البعد النظري يدور حول ماهية الثقافة وموقعها من المجتمعات، وشخصية المثقف ومقوماته، والبعد التطبيقي يختصُّ بالتحوُّلات الثقافية في العالم العربي في القرنين الماضيين، وتأمل حال من تسمَّوا بالنخبة الثقافية عصرانيين كانوا أو إسلاميين، مع وضع تصور للخصائص والمؤهلات والملكات التي ينبغي أن يتحلى بها المثقف المسلم في العصر الحديث.
مؤلف كتاب المثقف العربي بين العصرانية والإسلامية
الدكتور عبد الرحمن بن زيد الزنيدي: أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود، وعضو المجلس العلمي بمركز البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية.
من أهم مؤلفاته: “مصادر المعرفة بين الفكر الديني والفلسفي”، و”السلفية وقضايا العصر”، و”حقيقة الفكر الإسلامي”، و”مناهج البحث في العقيدة الإسلامية في العصر الحاضر”.