ماهية الثقافة
ماهية الثقافة
لا شك أن من الصعب الإحاطة الكاملة بكل أطراف الأزمة الثقافية في الواقع العربي، فهي عامل تابع يدخل في تشكيله العديد من العوامل المستقلة الأخرى التي تتعلَّق بطريقة التفكير واحترام حرية العقل، إضافةً إلى تأثير الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى، ولكن رغم أن الأزمة الثقافية في الوطن العربي أعقد من أن يتم اختصارها في مجرد مصطلح يتم تعريفه، فإن تسليط الضوء على أبعاد تلك القضية في الواقع المعاصر يعين على محاولة تلمُّس الحلول، فالحكم على الشيء فرعٌ عن تصورُّه، فإذا اتجهنا في البداية إلى محاولة تحديد مفهوم الثقافة نجد أن بعضهم عرَّفها بكونها تلك الاتجاهات والقيم السائدة في مجتمع ما، فهي هذا الكلي المشترك الذي ينضوي تحت لوائه العديد من الجزئيات المتعلقة بالعادات والتقاليد والمعرفة والاعتقاد، ونحو ذلك.
وهي بهذا المعنى الجمعي تعدُّ خصيصة أساسية تميِّز الجماعة الإنسانية عن أي تجمُّع حيواني آخر، كما أنها في الوقت ذاته تعدُّ عاملًا للفصل بين المجتمع الإنساني نفسه وغيره من المجتمعات الأخرى، فهي الحد الأدنى الذي يكتسبه الفرد بحكم انتمائه إلى أي مجتمع نتيجة العقل الجمعي المشترك والقيم والاتجاهات السائدة، في حين ربطها البعض الآخر بالمستوى الشخصي بكونها عملية مستمرة تشمل صقل الذهن وتهذيب السلوك، فهي السمو بالتكوين العقلي والروحي والأخلاقي للإنسان.
وقد يتسع ميدان الثقافة ليشمل الإنتاج الإبداعي للعقل البشري من الفنون والآداب وثمار المعرفة المختلفة، وهي بهذا المعنى محدودة النطاق لا يصل إليها إلا الأفراد القليلون فقط، وهم من نعرِّفهم في العصر الحاضر بفئة المثقفين، وقد أشار آخرون إلى شيوع معنى ثالث للثقافة أُطلق عليه وصف الثقافة الشعبية، ويتمثَّل في ذلك الذوق الشعبي العام تجاه بعض المنتجات الثقافية كأحاديث الإمام الشعراوي، وأحاديث الدكتور مصطفى محمود، أو أدب الأستاذ نجيب محفوظ في مصر.
الفكرة من كتاب خطاب إلى العقل العربي
في ظل أزمة ثقافية يعيشها الوطن العربي، أصبح المثقف العربي خلالها غريبًا في وطنه ويجد صعوبة في التواصل مع الوسط المحيط، فضلًا عن وسائل التواصل التي انتشرت حاليًّا وتعمل بصورة أو بأخرى على تشكيل القالب الثقافي المجتمعي.. في هذا الكتاب يحاول المؤلف الاقتراب من الأزمة الثقافية العربية، ومشكلة التوافق بين الأصالة والمعاصرة، والصدام مع السلطة والتقاليد، وبحث العلاقة بين الذكاء الاصطناعي المتمثِّل في العقل الإلكتروني وبين العقل البشري.
مؤلف كتاب خطاب إلى العقل العربي
فؤاد زكريا: أكاديميٌّ مِصريٌّ وعَلَمٌ من أعلام الفِكر العربي المُعاصِر، وُلِد في مدينة بورسعيد في ديسمبر عامَ ١٩٢٧م، وتخرَّجَ في قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ونالَ درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة عين شمس.
عمِلَ أستاذًا ورئيسًا لقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة عين شمس، وعمِلَ بالأمم المتحدة مستشارًا لشؤون الثقافة والعلوم الإنسانية في اللجنة الوطنية لليونسكو بالقاهرة، ونال جائزةَ الدولة التقديرية، وجائزةَ الدولة التشجيعية عامَ ١٩٦٢م عن كتابه «اسبينوزا»، وجائزةَ مؤسسة الكويت للتقدُّم العلمي عامَ ١٩٨٢م عن ترجمته لكتاب «حكمة الغرب» لِبرتراند رسل، تُوفِّي بالقاهرة عامَ ٢٠١٠م، عن عمر يناهز الثلاثة وثمانين عامًا.
له العديدُ من المُؤلَّفات منها: «التفكير العلمي»، و«الثقافة العربية وأزمة الخليج»، و«الصَّحْوة الإسلامية في ميزان العقل»، و«آراء نقدية في مشكلات الفِكر والثقافة»، وغيرها الكثير.