كيف يتحول السلوك من كونه موجهًا نحو هدف معين إلى سلوك اعتيادي غير محدد الهدف؟
كيف يتحول السلوك من كونه موجهًا نحو هدف معين إلى سلوك اعتيادي غير محدد الهدف؟
يُعرِّف “وليام جيمس” العادة بأنها القيام بعمل ما تلقائيًّا عند ظهور الحالة المناسبة دون التفكير بوعي في نية القيام به، وبناءً على ذلك، فإن أية مهارة نكتسبها ونقوم بها دون جهد أو تفكير فيها بوعي، هي في الواقع تقع تحت مفهوم العادة، ومثال ذلك قيادة السيارة، والكتابة على لوحة مفاتيح الكمبيوتر، ومن ثم فإن العادات تشكل جزءًا أساسيًّا من دماغنا، ونراها في كل شيء نفعله، وإلى جانب هذه الأفعال الجسدية، فإنه في الإمكان أن تتكون لدينا عادات ذهنية، كأن تكمل جملة صديقك عند سرد قصة ما. وقد أُجرِيَت عديد من التجارب لدراسة سلوكيات الإنسان، مثل تجربة “صندوق سكنر” التي أجراها الطبيب النفسي “بي. إف. سكنر” على الفئران، إذ وضع فأرًا في صندوق يتضمن موزعًا للطعام يمكن إسقاطه على هيئة حبيبات يتناولها الفأر، وصُمم الصندوق بحيث يؤدي عدد معين من الضغط على المقبض إلى إسقاط الطعام، وقد تعلم الفأر بسرعة الضغط على المقبض للحصول على حبيبات الطعام.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف نعلم أن سلوك الفأر عادة؟ يجيب عالم النفس “ديكنسون” بأنه يوجد سببان كي يستمر الفأر في الضغط على المقبض بمجرد تعلمه ذلك، السبب الأول أن الفأر يضغط على المقبض واضعًا في حسبانه الحصول على المكافأة المتمثلة في حبيبات الطعام، وهو فعل موجه نحو الهدف، والسبب الثاني أن الفأر يضغط على المقبض نتيجة تعلمه فعل ذلك دون وضع الهدف في حسبانه، وهو فعل يرجع إلى التحفيز والاستجابة، وللتمييز بين السببين، حيّد “دِيكنسون” قيمة الهدف عن طريق إطعام الفأر حبوبًا حتى يملها، ثم وضعه في صندوق سكنر، ومن ثمَّ لاحظ هل سيستمر الفأر في أداء السلوك ذاته أم لا؟ فوجد أن الفأر في البداية استمر في الضغط على المقبض للحصول على المكافأة وهي حبيبات الطعام، فخفَّض قيمة المكافأة، فوجد أن الفأر توقف عن الضغط على المقبض، لكن مع بعض التدريب عاد الفأر مرّة أخرى للضغط على المقبض، ومن ثمَّ أصبح سلوكه اعتياديًّا رغم عدم رغبته في المكافأة، وبناءً على ذلك توصل ديكنسون إلى أن السلوك في البداية يكون موجهًا نحو الهدف، ثم يصبح في وقت لاحق سلوكًا اعتياديًّا.
الفكرة من كتاب صعوبة التخلص من العادات.. ولم يتمسك بها دماغنا؟
إذا سألت أي شخص: لماذا لا تستطيع إجراء التغيير الذي تأمله في نمط حياتك؟ سيجيبك بأنه يفتقر إلى “قوة الإرادة“، وإذا سألت أيًّا من مقدمي الرعاية الصحية: لماذا لا يستطيع بعض الناس تغيير نمط حياتهم إلى الأفضل؟ سيجيبون بالإجابة نفسها، لأنهم يفتقرون إلى “قوة الإرادة“، ومن ثم يقدمون النصائح للمرضى تبعًا لقوة إرادتهم، وفي الحقيقة، يوجد كثير من الأدلة تؤكد على انتفاء العلاقة بين قوة الإرادة وتغيير العادات السيئة، أو اكتساب عادات جيدة، وخلال الكتاب يستعرض المؤلف بشكل علمي آلية تشكيل العادات من خلال عرض كثير من التجارب العلمية، للوقوف على الأساليب الفعّالة للتخلص من العادات السيئة خصوصًا الإدمانية منها.
مؤلف كتاب صعوبة التخلص من العادات.. ولم يتمسك بها دماغنا؟
راسل أ. بولدراك: عالم أعصاب وعالم نفس أمريكي، يعمل أستاذًا لعلم النفس في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل مديرًا مساعدًا لعلوم البيانات في ستانفورد، وعضو معهد ستانفورد للعلوم العصبية، ومدير مركز ستانفورد لعلم الأعصاب القابل للتكرار، ومدير مركز SDS للعلوم المفتوحة والقابلة للتكرار، ومن مؤلفاته:
The New Mind Readers: What Neuroimaging Can and Cannot Reveal about Our Thoughts
Statistical Thinking: Analyzing Data in an Uncertain World
معلومات عن المترجمة:
عائشة يكن: هي مترجمة لبنانية، حاصلة على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة ماديسون بالولايات المتحدة الأمريكية عن إدارة العلوم، تشغل منصب نائب الرئيس للشؤون الإدارية والطلابية في جامعة الجنان بلبنان، ومن ترجماتها:
الضجيج.
مدخل إلى التفكير الناقد.
الفلسفة تدخل المدارس.
كيف تبقى متوقّد الذهن؟
أنت على وشك ارتكاب خطأ فادح!