كيف نشعر؟
كيف نشعر؟
“صباح الخير، كيف حالك اليوم يا صديقي؟”، “صباح الخير، بخير حال”، هذه محادثة تكاد تكون يومية كل صباح أو مساء، لن يفرق الوقت الذي تقال فيه، لكن السؤال عن الحال الذي تكون إجابته روتينية سريعة محفوظة “بخير حال”، سنتوقف عنده قليلًا، هل أنت بخير حقًّا يا صديقي؟ لا ترتبك، إجابتك لها معنى على كل حال، لكنها ليست هي الإجابة الصحيحة، إلا إذا كانت بغرض الحال أو التفاعل الاجتماعي الروتيني لكنه لا يعبر عما تشعر به حقًّا، أما السؤال عن الشعور فهو مختلف، وبخاصةٍ لو جاء بجديَّة وليس نوعًا من التطفُّل أو اللؤم، “كيف تشعر؟” هو سؤال أكثر ودًّا، وقد يكون مهنيًّا، فمثلًا عندما يذهب المريض إلى طبيب عضوي أو نفسي ليس من الطبيعي أن يقول له: “بخير لقد ذهب الألم، شكرًا”، بل عليه أن يجيب بدقة وبصراحة عما يشعر في أعماقه بقوة، وقد يجيب آخرون بإجابة صادقة لكنها أكثر تعقيدًا “لا أعرف”، كونك لا تعرف بماذا تشعر فهذا ليس كذبًا، فقد يتولَّد عند المرء ما أسماه المحللون النفسيون “الدفاع عن الأنا” كي لا تنهار انهيارًا فائقًا عن قدرتها نتيجة لخسارة فادحة.
وهذا يأخذنا إلى سؤال أكثر أهمية: لماذا يخفي البعض مشاعره وآخرون لا يخفونها؟ هذا يضعنا أمام الفرق بين الشعور والانفعال، فقد تعدَّدت الفروق عند العلماء بين هذا وذاك، ومنها: أن إيرين ماثيز أوضح أن الظواهر الوجدانية الواعية مباشرةً هي مشاعر، والظواهر التي ليس لدينا مدخل واعٍ لها هي سلوك أي انفعالات، أما أنطونيو داماسيو أوضح أن الانفعال هو حركة مرئية عامة للناس، والشعور في العقل خفي وخاص عن الناس ما عدا عن صاحبه، لذا وقع الشعور بأن له أهمية كبيرة لكنه ثانوي أيضًا لأنه يُعد إدراكًا حِسيًّا لما يحدث في الجسد وليس دقيقًا أو آليًّا، لذا فالانفعال يحدث أولًا ثم تأتي بعده المشاعر، وكما قال الكاتب “فالمشاعر نتاج معالجة يتم فيها عكس الانفعالات والسماح لها بالظهور بوصفها خبرات وشعورًا بحالات الشدة الوجدانية”.
الفكرة من كتاب المشاعر
ما الفرق بين الحي والميت؟ وبين الإنسان والجماد؟ هل على الإنسان أن يسرد تفاصيل منطقية كبيرة كي يذكر الفرق بينه وبين أي (جماد) في العالم؟ الجماد -هذا الشيء- لا نهتم بإطعامه ولا بحزنه ولا حتى عما يفرحه ببساطة لأنه شيء، أي ليس له جسد وروح، والفارق المهم أنه ليس لديه مشاعر، فالإنسان البشري لديه جعبة كبيرة من المشاعر الإنسانية التي تفرِّقه عن بقية الأشياء في العالم، فالإنسان يفرح ويحزن ويجوع ويتألم ويريد ويمتنع، هذه المشاعر هي الفلسفة التي شغلت كثيرًا من علماء النفس حول ماهيتها، لذا في كتابنا هذا “المشاعر” يأخذنا فروش إلى فلسفته حول ماهية المشاعر، وبم نشعر، وكيف نشعر، وهل نحن بالفعل مُتصلون بمشاعرنا ونستطيع التعبير عنها؟
مؤلف كتاب المشاعر
ستيفن فروش: أستاذ علم النفس ورئيس قسم الدراسات النفسية والاجتماعية في جامعة بيركبيك بلندن، وعمل سابقًا استشاري علم نفس إكلينيكي، وهو مؤلف للعديد من الكتب والأوراق حول الدراسات النفسية والتحليل النفسي، بما في ذلك أحدثها “أولئك الذين سيأتون بعد: ما بعد الذاكرة”، و”الإقرار والتسامح”.
ولديه كتب عديدة، منها:
Critical Narrative Analysis in Psychology: A Guide to Practice
Hate and the ‘Jewish Science’: Anti-Semitism, Nazism and Psychoanalysis
معلومات عن المُترجم:
الدكتور عبد الله عسكر: أستاذ علم النفس والتحليل النفسي بكلية الآداب، جامعة الزقازيق، نشر أكثر من ثلاثين بحثًا في ميدان علم النفس الإكلينيكي والتحليل النفسي وأكثر من عشرة كتب متنوعة، وعمل استشاريًّا للصحة النفسية ورئيسًا لأقسام التأهيل بمستشفيات الأمل بالسعودية، وعضو لجنة علم النفس بالمجلس الأعلى للثقافة.