كيف نتعامل مع الأخطاء؟
كيف نتعامل مع الأخطاء؟
إذا سكب ابنكِ كوبًا من العصير، فماذا تفعلين معه؟ ربما توبخينه أو تعطينه دروسًا طويلة في ضرورة التركيز أو تضربينه! ولكن هل تظنين أن هذا صحيح؟! دعينا نتخيل أن ابنكِ سكب كوب العصير نفسه، ولكنكِ قلتِ بهدوء: ” أرى أن العصير انسكب، ساعدني على تنظيف المكان وإحضار كوب آخر”، فكري الآن أي الطريقتين أحق أن تتبع، وإذا كنتِ قلقة بشأن عدم تعلمه من الموقف وتكراره للخطأ، فأود إخباركِ أنه عند حدوث الأخطاء لا يصبح الوقت مناسبًا لتعليم ابنكِ، ولكن عليكِ التعامل بحكمة وهدوء مع التصرفات غير المرغوبة، حينها يمكنكِ تفادي كثير من المعارك اليومية وستحافظين على علاقتكِ بأبنائك، بل وتحافظين عليهم أنفسهم من التجريح والإهانات.
ومن المهم أن ننتبه جميعًا للفارق بين الحوادث، فلا نتعامل برد الفعل ذاته مع بيضة مكسورة ورجل مكسورة، وألا يكون النقد والصراخ هما الوتيرة الواحدة التي نتبعها طوال الوقت، لأن كثرة النقد تولد الغضب والسخط وتعلم الأبناء إدانة أنفسهم والآخرين وتفقدهم الشعور بقيمتهم. وما يجب وضعه نصب أعيننا أن كلماتنا أشبه بمرآة يرى فيها الأبناء أنفسهم ويعتمدون عليها لمعرفة ذواتهم، فلا بد أن نصبح أكثر حرصًا عند توجيه أي كلمة إليهم، فمثلًا عندما يُقال لبنت باستمرار إنها غبية، فإنها تميل إلى تصديق ذلك وتبدأ في النظر إلى نفسها على أنها غبية فعلًا، وتترك أي شيء يستدعي مجهودًا ذهنيًّا، ويصبح شعورها بالأمان في عدم المحاولة.
إذًا كيف نتعامل مع أخطاء أبنائنا؟ يجب استبدال التوجيه والتعامل السليم مع الموقف بالنقد وإطلاق الصفات السلبية، وتذكر أن وقت الخطأ ليس فيه آذان تفتح للنصائح وسيل التعليمات، وذلك لا يعني أن تكون إنسانًا لا يغضب ولا يجن من بعض التصرفات، وإنما يعني عدم الانسياق وراء الغضب والتعبير عنه بطريقة تريحك وتحترم الطفل وتساعده، فعندما تشعر بالغضب لا تهِن ولا تضرب، ولكن قل ببساطة “أنا غاضب وأشعر بالاستياء من كذا”.
كما يجب أن نعطي للطفل مساحة طفولته، وهذا معناه أن القميص النظيف لن يبقى كذلك، وأن من حقهم أن يركضوا ويقفزوا وإن كان على حساب نظافة المفروشات والسجاد.
الفكرة من كتاب التربية المثالية للأبناء
ماذا نقول لضيف نسي مظلته عندنا؟ تفضل مظلتك، ويمر الأمر ببساطة، أليس كذلك؟ لكن ماذا لو كان طفلنا من نسيها؟ ينهمر عليه سيل من الجمل مثل: “دائمًا ما تنسى أشياءك قبل خروجك”، أو “لماذا لا تكون كأخيك الصغير”، أو “أراهن أنك كنت ستنسى رأسك لو لم يكن مثبتًا فوق كتفيك!”، إلى آخره من عبارات النقد والسخرية وحتى الإهانة.
فيا تُرى ما الذي نفتقر إليه في تعاملنا مع أولادنا؟ وهل يمكننا أن نحظى بتواصل أكثر فاعلية معهم؟ وكيف نتجاوز هذا الفارق بين استجابتنا للضيف والطفل؟ كل هذا وأكثر سنعرفه معًا في الأسطر القادمة.
مؤلف كتاب التربية المثالية للأبناء
هايم جينو: هو عالم نفس متخصص في معالجة مشكلات الأطفال وتطوير أساليب التربية، وقد أنشأ مجموعات إرشادية وتثقيفية للآباء ليساعدهم على أن يكونوا أكثر فهمًا وتعاطفًا واحترامًا لأولادهم، كما تهدف كتبه إلى تحقيق تواصل فعال بين الآباء والأبناء.
من مؤلفاته:
– المعالجة النفسية الجماعية للأولاد.
– الأولاد والمراهقون.
– المعلم والطفل.