كيف تناول الصحابة والجيل الحالي الشريعة الإسلامية؟
كيف تناول الصحابة والجيل الحالي الشريعة الإسلامية؟
إن أكثر ما يميِّز جيل الصحابة في تعاملهم مع الشريعة، أنهم كانوا يتمتَّعون باستقلالية فكرية في ما يتعلق بالمسائل غير الواردة في نصوص الكتاب والسنة، والذي بان للأجيال اللاحقة مثالًا بعيد المنال، حيث إن كل صحابي كان يتبع عقله في ما لم يرد به نص صريح وفقًا لروح مصدَري التشريع وهما الكتاب والسنة، لكن مع زيادة التوسع السياسي والاقتصادي للدولة الإسلامية، زادت الأمور التي لم يرد فيها نص صريح عددًا وأهميًة، حيث دخلت ثقافات حديثة من البلاد المفتوحة على الثقافة الإسلامية وأخذت منها الفلسفة الأفلاطونية الجديدة، والمفاهيم الإغريقية الرومانية عن الدولة والحكم وأساليب بيزنطة في الإدارة، وبدأ الفساد يتسرَّب إلى النظام القضائي والمنظومة الأيديولوجية كلها.
وفي ظل حكَّام ليسوا فوق مستوى الشبهات، أصبح الاجتهاد في المسائل الجديدة وفقًا للأهواء والمصالح السياسية، وخاف العلماء الكبار من ضياع الدولة الإسلامية ومن أن تبتعد حياة المسلمين عن الإسلام الصحيح، وفي مواجهة هذا الخطر قام العلماء بتوسيع دائرة الأحكام الشرعية، فاستعانوا بكل منابع الفكر المعاصر مع التزامهم بروح مصدَرَي الشريعة قدر ما سمحت قدراتهم البشرية، وكانت نيتهم في ذلك طيبة ومسعاهم محمودًا، ونجحوا في إيقاف فيضان التأثيرات غير الإسلامية التي كانت ستقضي على إجماع الرؤية الإسلامية.
وعن طريق تلك الأحكام الاجتهادية استطاع المجتمع الإسلامي إيجاد حلول شرعية غير موجودة في أصل الشريعة نفسها، لكن المشكلة تكمن في أن تلك الأحكام بمرور الوقت تعاملت على أنها جزء أصيل من الشريعة وليست عرضًا طارئًا محددًا بالزمان والمكان، وأصبح هناك فيما بعد أربعة أصول للشريعة، وهي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، بعد أن كانا مصدرين فقط، وبدخول الإجماع والقياس في مصادر الشريعة ظهرت فرق متناحرة كل فرقة متعصبة لرأيها وتصل إلى تكفير الفرق الأخرى، ثم حفظت الوحدة فيما بعد بين المذاهب بثمن باهظ، وهو توقُّف كل أشكال الفكر الحي في أمور العقيدة والشريعة.
الفكرة من كتاب هذه شريعتنا.. ومقالات أخرى
نتعرَّض يوميًّا للعديد من المسائل الفقهية في حياتنا اليومية، ونذهب لنتعرَّف على أمر الشرع في هذه المسائل فنجد آراء متعددة من فقهاء كثر على مذاهب فقهية متعددة، وكل فقيه لديه من الأدلة المقنعة ما يرجح به كفته، فلا نعرف أي الآراء الأصح والواجب الاتباع، وهل لو اتبعنا رأيًا أقل رجاحة من بقية الآراء نكون آثمين مخالفين للشرع؟
في هذا الكتاب يستعرض الكاتب الفرق بين أوامر الشريعة الثابتة واجتهادات الفقهاء الخاصة بأحداث معينة في أزمان معينة وظروف محيطة معينة ويوضح الفرق بينهما في التعامل، ويتحدَّث عن التقليد وما نتج عنه على مرِّ القرون المنقضية، والحل لمشكلة تدهور المجتمع المسلم.
مؤلف كتاب هذه شريعتنا.. ومقالات أخرى
محمد أسد Muhammad Asad: كاتب ومفكر ولغوي وناقد اجتماعي ومترجم ورحالة مسلم، ولد في الإمبراطورية النمساوية الهنجارية عام 1900، وتوفي في إسبانيا عام 1992، درس الفلسفة في جامعة فيينا، وعمل مراسلًا صحفيًّا، وبعد منحه الجنسية الباكستانية تولى عدة مناصب منها منصب مبعوث باكستان إلى الأمم المتحدة في نيويورك، وطاف العالم، ثم استقر في إسبانيا وتُوفِّيَ فيها ودفن في غرناطة، ويعد محمد أسد أحد أكثر مسلمي أوروبا في القرن العشرين تأثيرًا.
من كتبه ومؤلفاته:
– روح الإسلام.
– في رسالة للقرآن.
– الطريق إلى مكة المكرمة.
– الإسلام على مفترق الطرق.
– مبادئ الدولة والحكومة في الإسلام.