كاليفانو الحالم بالقنافذ.. شْتايْنْبَك الذي يكتب بالحديد والنار

كاليفانو الحالم بالقنافذ.. شْتايْنْبَك الذي يكتب بالحديد والنار
يميل بعض الكتاب إلى تقسيم الأدباء نوعين: فئة القنافذ، وفئة الثعالب، يعود هذا التشبيه إلى الشاعر اليوناني “آركيلوكوس”، والمقصود بالقنفذ الشخص الذي يتقن شيئًا واحدًا، أما الثعلب فهو من يعرف كثيرًا من الأشياء، يُعارض الروائي الإيطالي “إيتالو كالفينو” هذا التصنيف، فيعتقد أن تقسيمًا كهذا ربما كان صالحًا في الأعمال الكلاسيكية، التي يعالج فيها الكاتب موضوعًا واحدًا، فيظل طوال هذا العمل مُلتزمًا بأساليب وتعبيرات ثابتة، ورغم تيقنه من انتمائه إلى طائفة الثعالب، فإن أحلام القنافذ لم تفارق كاليفانو طوال أعماله الأدبية، لقد ظل يهرب من نسق إلى آخر، ويتأرجح من نمط إلى آخر، خشية أن يقع حبيسًا في خنادق القنافذ، لكنه أدرك دائمًا أن القنفذ هو الذي يعرف عن ذاته أكثر لا الثعلب.

لكن إذا استعنا برأي أديب من الحائزين على نوبل، سنجد الأمر مختلفًا للغاية، فجون شْتايْنْبَك لا يعبأ بالقنافذ أو الثعالب أو أي تصنيف آخر، إذ تُمثل الكتابة له شيئًا أهم من الاختلاف حول الأساليب الفريدة أو الثابتة، عامل شْتايْنْبَك القلم والدفتر طوال حياته كواجب يومي، واضعًا نفسه داخل نظام ثابت لا يتيح له رفاهية تنويع التقنيات السردية، أو الحفاظ على أسلوب محدد ورفض ما عداه؛ يعتقد شْتايْنْبَك أن على الكاتب ألا ينتظر اللحظة المناسبة، بل يلقي بالكلمات ويلتزم بهذا النظام الصارم، لا يعبأ بهذا النوع من الكُتَّاب بمستوى الجودة قليلًا أو كثيرًا، بل إن شْتايْنْبَك لم يعتقد بكونه كاتبًا جيدًا على الإطلاق، فلماذا يكتب إذًا؟ إنها وسيلته للشعور بالحياة، للتمسك بأمل ما في العيش.
الفكرة من كتاب خزانة الكتب الجميلة: كيف نقرأ ولماذا؟
عندما يتعلق الأمر بالكتب، فلا مكان للصدفة والاختيار العشوائي، ماذا عن كل تلك الكتب التي شعرت بعد قراءتها أن هذا كان أوانها المناسب، من يختار الآخر؟ ذلك الكتاب أو تلك الرواية التي اقتحمتها وأنت على حافَة اليأس، ثم وجدت كل كلمة تواسيك، وكل سطر يخفف عنك، وكل صفحة تشد من أزرك، لقد انتظرك هذا الكتاب على الرف كل هذا الوقت، حتى يأتي موعد اللقاء المناسب.
يحدثنا الزناتي في هذا الكتاب عن مغامراته ولحظاته الأثيرة مع الكتب والمؤلفين، إذ ينتقل عبر الفصول من مؤلف إلى آخر، مُترجمًا له في البداية ثم ناقدًا لأبرز أعماله، وعارضًا لأكثر أفكاره ومواقفه جدلًا، هذه تجربة قارئ مُتفانٍ، علمته القراءة كيف يكتب.
مؤلف كتاب خزانة الكتب الجميلة: كيف نقرأ ولماذا؟
أحمد الزناتي: كاتب ومترجم مصري، تخرج في قسم اللغة الألمانية بكلية الألسن جامعة عين شمس عام 2000م، حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، كما حصل على عديد من الجوائز، منها جائزة الشارقة للإبداع العربي عن روايته “البساط الفيروزي.. في ذكر ما جرى ليونس السمان”، من أعماله:
رواية ماضي.
رواية لعبة الخيول الخشبية.