قلب أعمى
قلب أعمى
قال الله (عز وجل): ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾.
أتتذكَّر أسطورة حورية البحر وتتساءل: كيف للبحارة أن يستجيبوا لها على الرغم من رؤيتهم لمصير من قبلهم وهو الهلاك، يسحرهم جمالها الخلاب وصوتها الناعم، فتُصاب قلوبهم بالعمى، فالإنسان له عينان في رأسه ليرى الأشياء ظاهريًّا، وعينان في قلبه ليرى ما وراء الأشياء، إذا فقد المرء بصره يدري بحاله فلا يُكابر؛ فقط يرضى ويتأقلم، لكن من يُصاب بعمى القلب يظن نفسه مُبصرًا، والحقيقة أنه تحت تأثير حورية البحر، أتدري من يُمثلها في الدنيا؟ عدو لدود يترقَّبك طوال الوقت، يعرف ما لا تعرفه عن نفسك، إنه الشيطان، وقد حذَّرنا منه (سبحانه وتعالى) في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.
فيبدأ الشيطان يوسوس، ويبدأ بتحليل المحرمات وزرع الشك في صحة الأحاديث ومصداقية العلماء، وصحة تفسيرهم لآيات القرآن، فيصل بابن آدم إلى مراحل متقدمة يكون ذاق فيها متعة المُحرمات، وفي وجود أي فرصة تدعوه إلى الرجوع عن الباطل، يوسوس له مُجدَّدًا بأن طريق التوبة مُغلَق ويُذكِّره بحاله، وإذا انقاد ابن آدم وراءه مجددًا يصبح مصيره جهنم، فعندما يُساق إليها ينادي على من أغواه، ولكن كما قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ يتبرأ الشيطان منه.
الآن ما زلنا في الدنيا ومهما بلغت معاصينا فهناك باب للتوبة، فقد ذهب رجل إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) فعل كل الذنوب فسأل الرسول: هل أسلمت؟ فأخبره أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقال له رسولنا الكريم أن الله يُبدل سيئاته حسنات.
الفكرة من كتاب إلى الله: رحلة في خمسة أيام
هل تأتي معنا في رحلة؟ بالطبع سأخبرك بالوجهة، رحلتنا سوف تكون إلى الله، وسيصطحبنا في هذه الرحلة صاحبنا عُمر، شاب لم يكن يُصلِّي فرضًا، ولا حتى صلاة الجمعة، ولا يعرف عن صيام رمضان سوى السحور والإفطار والنوم من الفجر حتى المغرب، وبعد الإفطار يذهب إلى أصدقائه ليلعبوا (بولة استميشن)، ولا مانع من شرب الشيشة والحشيش، نعم كل ذلك في رمضان، وله حبيبة أيًّا كانت في علاقة غير شرعية، قلبه كان أعمى لكن الله (عز وجل) أعاد إليه بصيرته، فقد أعطاه فرصة تشبَّث بها وخاض رحلته إلى الله، يبعث الله إلينا أيضًا العديد من الفرص، لنتعرَّف كيف نتشبَّث بها كصديقنا عُمر، ونجد الطريق الصحيح إلى الله.
مؤلف كتاب إلى الله: رحلة في خمسة أيام
أمير منير: مُنشئ محتوى ديني، حاصل على درجة البكالوريوس في الصيدلة، وقد عمل في المجال لفترة لكن سرعان ما ترك المجال واتجه إلى التدريس، وبعد فترة ترك التدريس ليشقَّ طريقه في مجال الدعوة، ومنذ البداية وهو يستهدف الشباب، لذلك اختار طريقًا جديدًا للدعوة سلكه عبر فيسبوك وإنستجرام وتويتر، ويتواصل مع متابعيه عبر فيديوهات تتسم بالبساطة والحس الفكاهي، واختار لها عناوين مُرتبطة بالموضوعات الرائجة لجذب الشباب.