غياب العدالة الاجتماعية
غياب العدالة الاجتماعية
أول ما لاحظه الكاتب في المجتمعات العربية هو غياب العدالة الاجتماعية، التي تتمثل في حرية الرأي، وحرية الكلام، فالصحف العربية تُمنع من بلد إلى بلد، بالإضافة إلى الرقابة الكبيرة على الكتب والمجلات، وهناك مئات الكتب العربية الممنوعة وبخاصة تلك التي تعالج الحقائق اليومية الملموسة للناس، ولأن المجتمع العربي تسطير عليه فكرة النمط الواحد، إذ يغيب مفهوم المواطن الفرد لتحل محله فكرة الجماعة المتشابهة المطيعة، فيحاول الفرد أن يميز نفسه بالنسب أو بالثروة أو بالمكانة أو بالشهادة الجامعية، ومن ثم تذوب استقلالية الفرد وقيمته الإنسانية، فيؤدي ذلك إلى غياب الوعي بالمسؤولية، وتجد ذلك ظاهرًا بشدة على الممتلكات والمرافق العامة بجميع أنواعها من حدائق عامة وشوارع ووسائل نقل حكومية، ولذلك يدمرها الناس اعتقادًا منهم بأنهم يدمرون ممتلكات الحكومة لا ممتلكاتهم هم.
وذكر الكاتب قصته عند زيارة أحد أصدقائه في إحدى العواصم العربية، فعندما وصل إلى الحي الذي يقطنه صديقه، وجد القاذورات وفضلات الطعام على الأرض وزوايا الشارع وفي كل مكان، حتى إن مدخل البناية التي يسكنها زميله كان قذرًا، ولكن عندما فتح صديقه باب شقته لاستقباله وجد خلفه عالما آخر، فكان البيت نظيفًا مرتبًا مريحًا وأنيقًا، وهنا فهم الكاتب أن كل ما يخص الملكية العامة يعامله الناس كأنه عدو فينتقمون منه، ولذا تجد ظاهرة تخريب الممتلكات العامة وتكسيرها في كل مكان، وهذا لأن المواطن يقرن الأملاك العامة بالسلطة، ومن ثم فهو في لا وعيه يخرب الممتلكات العامة للانتقام من السلطة القمعية، وكما كان أول ما لفت أنظار الكاتب في أثناء تجوله في البلدان العربية هو التوتر الذي يسيطر على جموع الناس العاديين، واستنتج أن الشعب عندما يُعامل على نحوٍ سيئ فإن الشعور بالتوتر والاختناق يصبحان من سمات المجتمع بكامله.
الفكرة من كتاب العرب وجهة نظر يابانية
كل دولة لها تاريخ وثقافة وعادات تختلف من دولة لأخرى، وفي كتابنا اليوم سنرى مصر والعالم العربي من وجهة نظر أخرى، ألا وهي كيف يرى اليابانيون مصر والعالم العربي، ولا شك بأنه موضوع مثير وحماسي أن نرى أنفسنا في عيون الآخرين، فهذا يُظهر بعض العيوب الموجودة التي ربما تغيب عنا، ولكن لا يجب أن ننظر إليها على أنها تقليل من أنفسنا بقدر ما هي انتقاد صادق، فكل الدول لديها عيوب ومميزات، وإن لم تعرف عيوبها وتعمل على حلها لن تتقدم.
ولذا سنعرف معًا في هذا الكتاب كيف يرانا الكاتب، كونه أجنبيًّا عاش في البلدان العربية لأربعين عامًا، وما آراؤه تجاه عاداتنا، وتقاليدنا، وممارستنا الحياة بشكل عام، كما سيتحدث عن ريف مصر، وبدو الصحراء وما استفاد منهم، وسيذكر أهم الكتاب العرب والمصريين الذين أثروا ثأثيرًا عميقًا في حياته. والآن اربطوا الأحزمة واستعدوا للانطلاق في رحلةٍ حماسيةٍ مثيرة تسرق الألباب، وتفتِِح العقول والأذهان.
مؤلف كتاب العرب وجهة نظر يابانية
نوبوأكي نوتوهارا: وُلد نوبوأكي نوتوهارا عام 1940 في اليابان، وهو عالم ياباني في الأدب العربي، درس اللغة العربية وعلومها في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية، وفي عام 1974 انتقل إلى القاهرة ليكمل دراسته بها، أحب الأدب العربي ولذا قام بتوصيله إلى الشعب الياباني عن طريق ترجمة العديد من الروايات والقصص العربية إلى اليابانية، وكانت أول ترجماته رواية «عائد إلى حيفا» لغسان كنفاني، وبعدها «الأرض» لعبد الرحمن الشرقاوي، و«الحرام»، و«أرخص ليال»، و«العسكري الأسود» للدكتور يوسف إدريس، و«تلك الرائحة» لصنع الله إبراهيم، و«الخبز الحافي»، لحمد شكري. ولقد عايش نوبوأكي نوتوهارا العرب نحو 40 عامًا، وتنقل بين المدن العربية المختلفة، وفي عام 2003 كتب هذا الكتاب عن انطباعاته عن العرب. وله مؤلفات أخرى مثل: “أين المصريون؟” الذي نُشر باللغة اليابانية.