علم النفس الشرعي بين الحاضر والمستقبل
علم النفس الشرعي بين الحاضر والمستقبل
علم النفس الشرعي تجده أداة مساعدة للمحامين، وذلك حيث إنه يساعدهم في المرافعات، وتجده أيضًا وسيلة فعالة يستفيد منها مسؤولو المراقبة، ولا يكاد يغيب من الدور المجتمعي، والذي يظهر في المشروعات المجتمعية المنوعة، مثل الهيئات التعليمية والتنظيمية والإكلينيكية، والواقع يؤكد المنزلة المرموقة التي تقلَّدها علماء النفس الشرعيون على المستوى الأكاديمي خاصةً وغيرها من المستويات.
كما أن التنامي المستمر في فرص الوظائف المطروحة في هذا المجال أدى إلى ازدهاره، حتى أن القانون يمنح لقب “عالم نفس شرعي معتمد” بعد استيفاء الشروط التي تقتضي الحصول على درجة علمية في علم النفس، ومزاولة المهنة لمدة عامين، والعمل تحت إشراف شخص محلَّف لمدة لا تقل عن ست سنوات، كغيره من المجالات الأخرى.
ورغم هذا النمو المتزايد فإن بعض المناطق لا يزال ممنوعًا الاقتراب منها، والتي يمكن اعتبارها ثغورًا في علم النفس الشرعي، مثل قضايا الطعن على سلامة عقول أصحاب الوصايا المتنازع عليها، كما أن هناك مجموعة كبيرة من الأسئلة التي لا تحتمل التأجيل، مثل: حقيقة الوقوف على أعذار الأفراد الكاذبة والذين قد تمَّت تبرئهم.
وأسئلة أخرى مثل كيفية السيطرة على الجماهير الغاضبة، وما السبل التي قد يسلكها أحدهم ليدخل طريق الإرهاب؟ وما الذي يجذب بعضهم إلى ارتكاب أنواع معينة من الجرائم؟ ولا بد للإشارة من أن دور علم النفس في علم النفس الشرعي هو دور داعم فقط، كما أن كثيرًا من أنشطة علم النفس تفتقر إلى أساس علمي قويم.
الحقيقة أن هذه القضايا كبيرة جدًّا، فالتكنولوجيا وحدها، على سبيل المثال وليس الحصر، تفتح الباب أمام أشكال أخرى للجرائم، مثل الجرائم الإلكترونية، كما أن العولمة توسِّع المجال لاقتراف جرائم إرهاب دولي، وتعدُّ هذه النقاط مباحث جادة لدى علماء النفس الشرعيين، ويحاولون من خلالها معرفة مدى انجذاب البعض إليها، ومن ثم دفعهم إلى ارتكاب الجرائم.
الفكرة من كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
للجريمة وجود عنيد في المجتمع على مر التاريخ، وهذا الكتاب يسلِّط الضوء على بعض المساحات المعتمة في ساحات الجريمة انطلاقًا من علم النفس الشرعي، بدايةً من الدوافع وانتهاءً بإصلاح هؤلاء المجرمين، كما يتعرَّض لطرق أخذ الاعترافات بسلمية من المتهمين، ولعلَّك تلاحظ أن البعض قد يحصر علم النفس الشرعي في تحديد أوصاف الجناة فقط.
ولكن حقيقة هذا العلم هو أنه العلم المنوط به فهم المبادئ القانونية وإدراك الاعتبارات القضائية؛ من أجل الوقوف على أسباب الجريمة والوصول إلى مرتكبيها، والمؤلف يتناول في هذا الكتاب عدة قضايا مهمة ومنوَّعة، من التحدِّيات التي تقف أمام هذا العلم، إلى نظرة أعمق في فهم نفسية ودوافع المجرمين، كما يتناول الدور الذي يلعبه علم النفس الشرعي في المحكمة.
والذي يشتمل على كثير من المواقف الشائكة، مثل: معايير تحديد إصابة أحدهم بالجنون، أو الوقوف على حقيقة ادعائه، كما أن الكاتب مهتم بتوضيح المصطلحات والمفارقات، وإشكاليات هذا العلم الذي يتقاطع بطبيعة الحال مع عدد من العلوم الأخرى، والكاتب يشير إلى أن علم النفس الشرعي لم يدخل إلى الساحات القضائية مرة واحدة.
وإنما كانوا يلجؤون إليه بغية التصنيف الطبي للجناة وأفعالهم، كما يطرح الكاتب عددًا من الأسئلة والقضايا المحيرة، مثل: هل الممارسات الإجرامية في حالة المرض العقلي هي رد فعل، أم أنها نتيجة مباشرة للمرض؟ على أن الجيد في الأمر أن هذا العلم يجذب إلى أصحاب الكفاءات، كما أن تطوُّره ينعكس على علم النفس المهني بصورة مباشرة.
مؤلف كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
ديفيد كانتر : طبيب نفساني، عمل أستاذًا لعلم النفس في جامعة ساري لمدة عشر سنوات، وقد أدار مركز الأبحاث الدولي في هذا المجال في جامعة هيدرسفيلد، والكاتب مهتم بعدة مجالات؛ منها: علم النفس البيئي، والجريمة، والطب الشرعي، وعلم النفس الاستقصائي.
وللكاتب عدد من المؤلفات في علم النفس الشرعي، وكذلك علم نفس المعمار، والذي يختصُّ بدراسة التفاعل بين البشر والمباني، كما أن الكاتب يقدم العديد من الاستشارات بشأن تصميم المدارس والسجون وغيرها من المباني، ومن مؤلفاته: “The Study of Meaning in Architecture” و”Psychology in Action”.
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: تخرَّج في كلية الآداب والتربية عام 2006، عمل بالترجمة والتحرير باللغة الإنجليزية، كما شارك في مؤسسة هنداوي كمترجم أول، ومراجع للعديد من الكتب والمقالات والمدوَّنات المترجمة.
وله عدة أعمال، منها: “خمس دقائق مفيدة في المساء”، و”مأساة من ثلاثة فصول”.