علة الأمة
علة الأمة
إن ما يلفت الانتباه ويثير التعجب الشديد في حالة تأخر الأمة الإسلامية هو مقدار ما تمتلكه من إمكانيات مادية تتمثل في الثروات الطبيعية المختلفة، وإمكانيات بشرية هائلة موزعة على رقعات جغرافية ممتدة الحدود، ورغم هذا تتعدد مظاهر هذا التخلف، مثل الخلافات السياسية بين دولها على المستوى الخارجي كالصراعات على الحدود والموارد، وداخليًّا بمشكلات بين سكانها وطبقات المجتمع غير المتجانسة.
بينما على المستوى الاقتصادي تكمن المشكلة الجوهرية في العجز عن إنتاج الأساسيات التي تحقق الاكتفاء الذاتي ناهيك بالمنافسة في الأسواق العالمية، مما يضع الأمة الإسلامية في تبعية دائمة في مجال الميكنة والنظم المختلفة، تبعية تتضح أكثر في الجانب الثقافي عبر محاولة نسخ لثقافات أمريكية أو أوروبية أو محاكاة لتراثهم، وفي ظل سيطرة الخرافات والجهل والتدين الشكلي على الدين، ينتج مزيج من أنماط سلوكية غريبة ينهجها الأفراد مفصولة عن الهوية وكل القيم الإسلامية.
ويعود السبب المشترك في كل مظاهر التخلف إلى اعتلال فكر الأمة ومنهجها، بسبب فصل الإسلام عن نظام التعليم وتغليب الجانب اللا ديني على الأفكار والآراء والمناهج التي تدرس للتلاميذ، إذ يسبب لديهم الصراعُ بين نظام التعليم الأكاديمي والتعليمُ الديني المحصور في المساقات الشرعية والمساجد ازدواجيةً تشوش الهوية وتضعف القدرة على رؤية الواجبات والمسؤوليات التي من الواجب تحملها، والأدوار التي لا بد للمسلمين من تأديتها.
فأولى الخطوات اللازمة للإصلاح هي تكوين رؤية كاملة صحيحة، مكونة من عقيدة دافعة جازمة الإيمان، ومعرفة تقتضي عملًا بها، مع قدر معقول من الحقائق والأحكام الواضحة المستمدة من مصادر الوحي الإسلامي (القرآن الكريم والسنة النبوية)، وخلفية كاملة كافية تغطي السابق وتضم تاريخ وأحوال الأمة الإسلامية، مع الاستفادة من التراث الإسلامي الكبير ووضع النماذج المساهمة فيه كمثل أمام الناشئين للاقتداء بها.
الفكرة من كتاب إسلامية المعرفة (المبادئ العامّة – خطّة العمل – الإنجازات)
المعرفة تعبر عن طريقة رؤية الإنسان لنفسه وللكون وللإله، لها غايات وأهداف تحاول الوصول إليها بوسائل محددة، وتقوم العلوم الإنسانية والطبيعية وغيرها على أسسها، وتصطبغ المعرفة بألوان الهوية مشكّلة الإطار القيمي والأخلاقي الحاكم والموجه لمنهجية بحث وعمل الأفراد، فلا يصح أن تكون المعرفة مستمدة بأصولها وغاياتها ووسائلها من مصدر مختلف الهوية كالغرب، أو أن تكون منقطعة عن البيئة المحيطة تاريخيًّا ونفسيًّا، فما العلات التي تعاني منها الأمة على المستوى الفكري والتربوي؟ وما المهمة التي اتخذ المعهد مسؤولية تنفيذها على عاتقه؟ وهل هناك أنواع متعددة من المعارف، وإن وجد فما هي المعرفة الإسلامية؟ وما هي مبادئ إسلامية المعرفة وخطة عمل المعهد؟
مؤلف كتاب إسلامية المعرفة (المبادئ العامّة – خطّة العمل – الإنجازات)
المعهد العالمي للفكر الإسلامي: مؤسسة خيرية غير هادفة للربح ترتكز جهودها في المجال الدعوي والتربوي والمعرفي بهدف الارتقاء بالأفراد في المجتمعات الإسلامية، من خلال إسهامات مختلفة كنشر الكتب والأبحاث والدراسات، وإقامة الندوات والمؤتمرات والأنشطة المختلفة، والتدريس.
تأسس في عام 1981م بشكل مستقل عن أي أيدولوجية حزبية، ويقع مقره الرئيس في ضواحي واشنطن ولديه اليوم عدد من الفروع في مختلف عواصم البلدان.