رواد المدرسة وجيلها الأول
رواد المدرسة وجيلها الأول
ضمَّت مدرسة فرانكفورت عددًا كبيرًا من المفكرين، أسسوا لتيارات فكرية واتجاهات فلسفية مهمة ومتباينة، ولكن يتفق أغلب الباحثين أن المدرسة قامت بالأساس على أفكار وتنظيرات ثلاثة من أشهر مفكريها يمثلون الجيل الأول للمدرسة، وهم: “ماكس هوركهايمر”، “تيودور أدورنو” و”هربرت ماركوز”.
درس “هوركهايمر” الفلسفة وعلم النفس والاقتصاد في جامعة ميونخ، وتأثر بكثير من الفلاسفة أمثال “آرثر شوبنهاور” والكاتب الروسي “ليو تولستوي”، وبالطبع أفكار “كارل ماركس”، و”فريدريك إنجلز”، وعمل أستاذًا للفلسفة الاجتماعية بجامعة فرانكفورت، نشر “هوركهايمر” العديد من الأبحاث المهمة مثل كتاب “النظرية التقليدية والنظرية النقدية”، وكتابه “خسوف العقل” وغيرها، وظل رمزًا ثقافيًّا سواء في ألمانيا أو الولايات المتحدة حتى وفاته عام 1973م.
انضم “تيودور أدورنو” إلى مدرسة فرانكفورت رسميًّا عام 1938م وتولى رئاسة المعهد بعد هوركهايمر في عام 1958م ، وأصدر مع هوركهايمر كتابهما الشهير “جدل التنوير” عام 1947م الذي ظهر مع الإعلان عن ضحايا المحرقة النازية والذي عده بعض النقاد النص المفتاح لمجمل النظرية النقدية الأولى؛ حيث يعيد رسم انتصار التنوير وتعاسته في الآن نفسه، ثم أصدر كتابه المهم “الجدل السلبي” عام 1966م الذي يعده البعض وصيته الفلسفية، فقد كتبه في مرحلة انتقال أدورنو من تمركز النظرية النقدية في مجال الفلسفة وعلم الاجتماع السياسي إلى الميدان الجمالي البحت.
أما “هربرت ماركوز” المعروف بتنظيره لليسار الراديكالي وحركات اليسار الجديد، فقد بنى نظريته الجدلية على أفكار هيغل، وكان شديد العداء للهيمنة التقنية التي تؤدي إلى استلاب الإنسان وتحويله إلى آلة إنتاجية؛ وقد اعتراه من جَرَّاء هذا نظرة تشاؤمية تسبب فيها اغتراب الإنسان في المجتمع الصناعي الحديث الذي تغلُب عليه التقنية فتضيع فيه ذاته وكينونته، وكان ماركوز مهتمًا بالحركة الطلابية وصاحب تأثير كبير فيها، ومن أشهر إنتاجه كتاب “الإنسان ذو البعد الواحد”.
الفكرة من كتاب مدرسة فرانكفورت.. دراسة في نشأتها وتياراتها النقدية واضمحلالها
تحاول المؤلفة في هذا الكتاب تتبُّع أصول واتجاهات ما عُرِفَ بـ”مدرسة فرانكفورت” التي شكلت علامة فارقة في نقد الحداثة وتفكيك أبنيتها الفكرية، والتي امتد فكرها وأثرها لعقود طويلة في القرن العشرين، وأيضًا الخلل الذي اعترى البنية الفكرية للمدرسة وأدى إلى خفوت نجمها.
مؤلف كتاب مدرسة فرانكفورت.. دراسة في نشأتها وتياراتها النقدية واضمحلالها
الدكتورة ثريا بن مسميَّة، أستاذ فلسفة الجماليات بالعهد العالي لأصول الدين بجامعة الزيتونة التونسية، وعضو الجمعية التونسية للدراسات الصوفية، شاركت في العديد من المؤتمرات العلمية داخل تونس وخارجها، لها العديد من الأبحاث والدراسات مثل “أشكال التجريد في فن الرسم الحديث”، و”جدل المفارقة”.