حدود خادعة
حدود خادعة
من أبرز ما يميِّز الشهر الفضيل هو ما فيه من أجر مضاعف لختم القرآن الكريم، فترى كثيرين من الليلة الأولى يهمُّون بتقسيم المصحف، كل جزء في يوم، حتى إذا انتهى الشهر انتهت معه الختمة بأجزائها الثلاثين، وذلك بعيد عن الصواب، فعلى المرء التوقُّف عن وضع الحدود ولا يكون كالمرابي اليهودي، يقسم الخير ويبخل على نفسه أن يستزيد من كلام الله.
يحوي القرآن من القصص ما يعين ويواسي، ومن العبر ما يفيد كل حائر ويردع كل ذي سوء نية ويهدي كل ضال، فيه الأحكام والأسباب والنتائج، داخله سيجد القارئ مواساة إلهية تعينه على مصائب الدنيا، وعينًا على نفسه وآخرته ومصيره، أي إنه سيتمكَّن من الاطلاع على حاله ومستقبله، فيتعظ ويداوم على تغيير عمله إلى الأفضل، لذا فإن رمضان كعهده يوفِّر فرصًا جديدة للبدء في اكتشاف القرآن بغير عين القارئ العادي، لكن بعين المتدبِّر الخاضع.
وكمثال آخر الصلاة، الركن الثابت في حياة المسلم، عماد دينه وأول ما يحاسب عليه يوم القيامة، بصلاحها يصلح العمل وبفسادها يبطل، حتى الصوم يشترط لكي يصحَّ أن يُقرَن بأداء الصلوات، ولأجل هذه المكانة العظيمة جاء رمضان ولم يغفل عنها، بل حرص على أن يضمَّها إلى خطَّته، فضاعف أجرها، وسن النوافل ورغب فيها على مرات وصور مختلفة.
هكذا الحال مع جميع العبادات، يجب ألا تقيَّد بعدد أو توصيف، بل حريٌّ بها أن تقام حق الإقامة باستمتاع وتلذُّذ، فإذا ما تعطَّش المرء لها وأدَّاها قدر ما استطاع فقد حصد راحة غير محدودة، ونال من الخير ما لا يقاس بالكم، وصار قلبه ربيعًا مزهرًا، يصبر على البلاء ويحمد الله شدَّةً ورخاءً لأنه يعلم أنها دار فناء، والتعبُّد هو غاية الوجود، والطمع في الأجر هو مفتاح اغتنام الفرص التي يوفِّرها رمضان لما بعد رمضان.
الفكرة من كتاب الذين لم يولدوا بعد
لما اعتاد الناس المرور على رمضان كغيره من الشهور، بل ولما صار موسمًا للتخفيضات في الأسواق، ومباراة تنافسية بين البرامج المتلفزة والمسلسلات، وحين انشغلت البطون بموائد الطعام والشراب، صار حتمًا على هذا الكتاب أن يرينا رمضان الذي يجب، ويذكِّرنا بأحكامه، ويستوضح معانيه الغائبة عن وجدان الفرد المسلم الذي فاته كل رمضان سابق، علَّه يستقبل رمضان القادم.
مؤلف كتاب الذين لم يولدوا بعد
أحمد خيري العمري: كاتب وطبيب أسنان عراقي، ولد عام 1970 في بغداد، واشتهر بكتاباته في مجال النهضة الإسلامية، تم تصنيفه -وفقًا لأحد مراكز الدراسات السويسرية- ضمن قائمة تحوي 100 من المؤثرين في صناعة الرأي عربيًّا، وذلك في عام 2017.
له من الإنتاج الثقافي الكثير منذ بدأ الكتابة والنشر، يتراوح بين ثلاثة عشر كتابًا وثلاث روايات وثلاثة برامج متلفزة، حيث احتلَّت الكتب النصيب الأكبر والانتشار الأوسع، ومنها:
البوصلة القرآنية.
عالم جديد ممكن.
المهمة غير المستحيلة.
الفردوس المستعار والفردوس المستعاد.